المعرفة بالله تعالى، لأن الفائدة 1 في المحاسبة والمسألة والمواقفة هي حصول السرور واللذة لأهل الثواب، والألم والحسرة لأهل العقاب، فلا بد [من] 2 أن يعرفوا الله عز وجل ليعلموا ما ذكرناه، ولأن نشر الصحف والمحاسبة 3 والمسألة أفعال واقعة على وجه الحكمة، ولا يجوز أن يعرفوا وقوعها على هذا الوجه من الحسن والحكمة إلا بعد معرفتهم 4 بالله تعالى وأحواله، ومتى لم يعرفوه 5 جوزوا فيها خلاف ما بني عليه من وجوه 6 الحكمة.
وإذا وجب في أهل الآخرة أن يكونوا عارفين بالله تعالى لم تخل حالهم في هذه المعرفة من وجوه: إما أن يكونوا مكتسبين لها ومستدلين عليها، أو يكونوا ملجأين إليها وإلى النظر المولد لها، أو يكونوا مضطرين إليها وإلى النظر المولد لها، ولا يجوز أن يكونوا مكتسبين لهذه المعرفة، لأن ذلك 7 يقتضي كونهم مكلفين، وقد بينا أنهم غير مكلفين، ولا يجوز أن يكونوا [مكتسبين] 8 لها على سبيل التذكر - كما يفعله المنتبه عن نومه عند انتباهه في أنه يفعل اعتقادا لما كان عالما 9، فيكون له علوما لأجل التذكر.