أنه لا بد أن يكون قادرا على جنس العلوم.
ولهذا كفر أبو القاسم البلخي 1 في هذه المسألة، وقيل له [إنك] 2 مصرح بأنا أقدر منه، ولا يلزم على هذا ما نقوله كلنا من أنه لا يوصف بالقدرة على الجمع بين الضدين، أن يفعل في نفسه الحركة، وما أشبه ذلك، لأن هذا كله غير مقدور في نفسه من حيث لا يقدر عليه من القادرين أحد، وليس كذلك قبيل الاعتقادات، لأنه مقدور في نفسه لمن هو أنقص حالا من القديم تعالى في باب القدرة، فأولى وأحرى أن يكون تعالى قادرا عليه.
فإن قيل: فإذا كان التكليف زائلا عنهم فكيف أمرهم تعالى بقوله: (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) 3.
قلنا: قيل إن هذا اللفظ - وإن كان صيغة الأمر - فليس بأمر 4 على الحقيقة بل يجري مجرى الإباحة، والإباحة لها صورة الأمر، فقيل 5 أيضا إنه أمر وأنه تعالى أراد من أهل الجنة الأكل والشرب على سبيل الزيادة في ملاذهم وسرورهم لا على سبيل التكليف.
فإن قيل: فكيف تقولون في شكر أهل الجنة لنعم الله تعالى، أو ليس هو لازم لهم 6؟