يقع من هذا الملجأ تلك الاعتقادات، فما الذي يقتضي كونها علوما ومعارف؟
ولا وجه يقضي ذلك من الوجوه المذكورة التي يصير الاعتقاد لها علما.
ولا يجوز أن يكون تعالى مضطرا لهم إلى النظر المولد للمعرفة، لأن ذلك جار مجرى العبث الذي لا فائدة فيه 1 لأن الغرض هو المعرفة، والاضطرار إليها يغني عن الاضطرار إلى سببها، على أن في النظر مشقة وكلته، وذلك ينافي صفة أهل الثواب في الآخرة، وإذا وجب في معرفة أهل الثواب منهم الاضطرار وجب ذلك في معارف الجميع من الوجه الذي بيناه.
فإن قيل: دلوا 2 على أن [في] 3 مقدوره تعالى علما يفعله في غيره، فيكون ذلك الغير به عالما، فإن كلامكم 4 مبني على أن ذلك مقدور غير ممتنع.
قلنا: لا بد من كون ذلك في مقدوراته تعالى، [لأنه] 5 لو لم يكن له مقدور لوجب في أجناس الاعتقادات على اختلافها أن تكون خارجة من مقدور الله تعالى، لأنه لا يوصف تعالى بالقدرة على علم يكون به هو تعالى عالما، وإذا كان لا يوصف بالقدرة على علم يكون غيره به عالما، فيجب أن يكون جنس العلوم من الاعتقادات خارجا عن مقدوره، وهذا يقتضي أن يكون غيره من المحدثين أقدر منه وأكمل حالا في القدرة، لأنا نقدر على هذه 6 الأجناس، وإذا ثبت أنه تعالى أقدر منا وأنه لا يجوز أن نقدر على جنس لا يقدر هو تعالى عليه، ثبت