قوله: (والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة) قال الحافظ في الفتح كأن الترمذي فهم من كون ابن عمر لم يقل في الجواب نعم أنه لا يقوله بالوجوب فإن الفعل المجرد لا يدل على ذلك وكأنه أشار بقوله والمسلمون إلى أنها ليست من الخصائص وكان ابن عمر حريصا على اتباع افعال النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك لم يصرح بعدم الوجوب انتهى قوله: (وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك) قال الشيخ عبد الحق في اللمعات اختلفوا في أن الأضحية واجبة أو سنة فذهب أبو حنيفة وصاحباه وزفر إلى أنها واجبة على كل حر مسلم مقيم موسر وعند الشافعي وفي رواية عن أبي يوسف سنة مؤكدة وهو المشهور المختار في مذهب أحمد وفي رواية عنه أنه واجب على الغني وسنة على الفقير وفي رسالة ابن أبي زيد في مذهب مالك أنه سنة واجبة على من استطاعها ودليل الوجوب ما روى الترمذي وأبو داود والنسائي عن مخنف بن سليم فذكر حديثه وفيه على كل أهل بيت في كل عام أضحية قال الشيخ وهذا صفة الوجوب وقال صلى الله عليه وسلم من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا ومثل هذا الوعيد لا يليق إلا بترك الواجب انتهى كلام الشيخ قلت قال الحافظ في الفتح قد احتج من قال بالوجوب بما ورد في حديث مخنف بن سليم رفعه على كل أهل بيت أضحية أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي ولا حجة فيه لأن الصيغة ليست في الوجوب المطلق وقد ذكر معها العتيرة وليست بواجبة عند من قال بوجوب الأضحية انتهى كلام الحافظ وأما حديث من وجد سعة فلا يقربن مصلانا فأخرجه ابن ماجة وأحمد ورجاله ثقات لكن اختلف في رفعه ووقفه والموقوف أشبه بالصواب قاله الطحاوي وغيره ومع ذلك فليس صريحا في الايجاب قاله الحافظ واستدلوا أيضا بقوله (فصل لربك وانحر) والامر للوجوب وأجيب بأن المراد تخصيص الرب بالنحر له لا للأصنام فالأمر متوجه إلى ذلك لأنه القيد الذي يتوجه إليه الكلام ولا شك في وجوب تخصيص الله بالصلاة والنحر على أنه قد روى أن المراد بالنحر وضع اليدين حال الصلاة على الصدر ولهم دلائل أخرى لكن لا يخلو واحد منها عن كلام
(٧٩)