وحصلت السنة فلم أر لما ادعاه من الأصلية دليلا خاصا وأما ما ذكره الغزالي في آداب الأكل من الاحياء أنه لو قال في كل لقمة بسم الله كان حسنا وأنه يستحب أن يقول مع الأولى بسم الله ومع الثانية بسم الله الرحمن ومع الثالثة بسم الله الرحمن الرحيم فلم أر لاستحباب ذلك دليلا والتكرار قد بين هو وجهه بقوله حتى لا يشغله الأكل عن ذكر الله انتهى كلام الحافظ قوله: (حدثنا عبد الأعلى) هو ابن عبد الأعلى (عن عمر بن أبي سلمة) بن عبد الأسد المخزومي ربيب النبي صلى الله عليه وسلم صحابي صغير أمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأمره علي على البحرين ومات سنة ثلاث وثمانين على الصحيح كذا في التقريب قوله: (أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طعام قال أدن يا بني فسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك) أي مما يقربك لا من كل جانب وفي رواية الشيخين يقول كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله الحديث قال النووي فيه استحباب التسمية في ابتداء الطعام وهذا مجمع عليه وكذا يستحب حمد الله تعالى في آخره كما سبق في موضعه وكذا تستحب التسمية في أول الشراب بل في أول كل أمر ذي بال قال العلماء ويستحب أن يجهر بالتسمية ليسمع غيره وينبهه عليها ولو ترك التسمية في أول الطعام عامدا أو ناسيا أو جاهلا أو مكرها أو عاجزا لعارض آخر ثم تمكن في أثناء أكله منها استحب أن يسمي ويقول بسم الله أوله واخره والتسمية في شرب الماء واللبن والعسل والمرق والدواء وسائر المشروبات كالتسمية على الطعام في كل ما ذكرناه وتحصل التسمية بقوله بسم الله فإن قال بسم الله الرحمن الرحيم كان حسنا وسواء في استحباب التسمية الجنب والحائض وغيرهما قال وفيه استحباب الأكل مما يليه لأنه أكله من موضع يد صاحبه سوء عشرة وترك مروءة فقد يتقذره صاحبه لا سيما في الأمراق وشبهها وهذا في الثريد والأمراق وشبهها فإن كان تمرا وأجناسا فقد نقلوا إباحة اختلاف الأيدي في الطبق ونحوه والذي ينبغي تعميم النهي حملا للنهي على عمومه حتى يثبت دليل مخصص انتهى قال القاري سيأتي حديث عكراش أنه صلى الله عليه وسلم قال في أكل التمر يا عكراش كل من حيث شئت فإنه من غير لون واحد قلت حديث عكراش هذا أخرجه الترمذي بعد هذا وهو ضعيف جدا كما ستقف عليه وقال الحافظ في نقل النووي الاجماع على استحباب التسمية على الطعام في أوله نظر إلا أن أريد بالاستحباب أنه راجح الفعل وإلا فقد ذهب جماعة إلى وجوب ذلك وهو قضية القول بإيجاب الأكل باليمين لأن صيغة الأمر بالجميع واحدة انتهى
(٤٨٠)