في الصبيان. فهذا دليل شرعية التعزير وأجمع عليه الصحابة انتهى كلامه وقال الحافظ التعزير مأخوذ من العزر وهو الرد والمنع واستعمل في الدفع عن الشخص كدفع أعدائه عنه ومنعهم من إضراره ومنه (وآمنتم برسلي وعزرتموهم) وكدفعة عن إتيان القبيح منه عزره القاضي شأن أدبه لئلا يعود إلى القبيح ويكون بالقول وبالفعل يحسب ما يليق به انتهى قوله: (لا يجلد) بضم أوله بصيغة النفي وروى بصيغة النهي مجزوما (فوق عشر جلدات) وفي رواية فوق عشرة أسواط وفي رواية فوق عشر ضربات (إلا في حد من حدود الله) المراد به ما ورد عن الشرع مقدرا بعدد مخصوص كحد الزنا والقذف ونحوهما وقيل المراد بالحد هنا عقوبة المعصية مطلقا لا الأشياء المخصوصة فإن ذلك التخصيص إنما اصطلاح الفقهاء وعرف الشرع أطلاق الحد على كل عقوبة لمعصية من المعاصي كبيرة أو صغيرة ونسب ابن دقيق العيد هذه المقالة إلى بعض المعاصرين له وإليها ذهب ابن القيم وقال المراد بالنهي المذكور في التأديب للمصالح كتأديب الأب ابنه الصغير واعترض على ذلك بأنه قد ظهر أن الشارع يطلق الحدود على العقوبات المخصوصة ويؤكد ذلك قول عبد الرحمن بن عوف أن أخف الحدود ثمانون ذكره الشوكاني ملخصا من كلام الحافظ قلت وقول عبد الرحمن بن عوف هذا رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد شرب الخمر فجلد بجريدتين نحو أربعين قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس عبد الرحمن أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر قوله: (وهذا حديث غريب الخ) أخرجه الجماعة إلا النسائي قوله: (وقد اختلف أهل العلم في التعزير الخ) قال الحافظ قد اختلف السلف في مدلول هذا الحديث فأخذ بظاهره الليث وأحمد في المشهور عنه وإسحاق وبعض الشافعية وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة تجوز الزيادة على العشر ثم اختلفوا فقال الشافعي لا يبلغ أدنى
(٢٧)