أن يشهدوا له بالشهادة وقد ظهر منه انه لم يقاتل لله وانما قاتل غضبا لقومه فلا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد لاحتمال ان يكون مثل هذا وإن كان مع ذلك يعطى حكم الشهداء في الاحكام الظاهرة ولذلك أطبق السلف على تسمية المقتولين في بدر وأحد وغيرهما شهداء والمراد بذلك الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب والله أعلم وروى سعيد بن منصور باسناد صحيح عن مجاهد قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك قال لا يخرج معنا الا مقوى فخرج رجل على بكر ضعيف فوقص فمات فقال الناس الشهيد الشهيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال ناد ان الجنة لا يدخلها عاص وفيه إشارة إلى أن الشهيد لا يدخل النار لأنه صلى الله عليه وسلم قال إنه من أهل النار ولم يتبين منه الا قتل نفسه وهو بذلك عاص لا كافر لكن يحتمل ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على كفره في الباطن أو انه استحل قتل نفسه وقد يتعجب من المهلب حيث قال إن حديث الباب ضد ما ترجم به البخاري لأنه قال لا يقال فلان شهيد والحديث فيه ضد الشهادة وكانه لم يتأمل مراد البخاري وهو ظاهر كما قررته بحمد الله تعالى (قوله باب التحريض على الرمي وقول الله عز وجل وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل الآية) لمح بما جاء في تفسير القوة في هذه الآية انها الرمي وهو عند مسلم من حديث عقبة بن عامر ولفظه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا ان القوة الرمي ثلاثا ولأبي داود وابن حبان من وجه آخر عن عقبة ابن عامر رفعه ان الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله فارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلى من أن تركبوا الحديث وفيه ومن ترك الرمي بعد علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها ولمسلم من وجه آخر عن عقبة رفعه من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو فقد عصى ورواه ابن ماجة بلفظ فقد عصاني قال القرطبي انما فسر القوة بالرمي وإن كانت القوة تظهر باعداد غيره من آلات الحرب لكون الرمي أشد نكاية في العدو وأسهل مؤنة لأنه قد يرمي رأس الكتيبة فيصاب فينهزم من خلفه وذكر المصنف في الباب حديثين * أحدهما حديث سلمة ابن الأكوع (قوله مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم) أي من بني أسلم القبيلة المشهورة وهي بلفظ افعل التفضيل من السلامة (قوله ينتضلون) بالضاد المعجمة أي يترامون والتناضل الترامي للسبق ونضل فلان فلانا إذا غلبه (قوله وانا مع بني فلان) في حديث أبي هريرة في نحو هذه القصة عند ابن حبان والبزار وأنا مع ابن الأدرع انتهى واسم ابن الأدرع محجن وقع ذلك من حديث حمزة بن عمرو الأسلمي في هذا الحديث عند الطبراني قال فيه وانا مع محجن بن الأدرع ومثله في مرسل عروة أخرجه السراج عن قتيبة عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عنه وهو صحابي معروف له حديث آخر في الأدب المفرد للبخاري وفي أبي داود والنسائي وابن خزيمة وقيل اسم ابن الأدرع سلمة حكاه ابن منده قال والأدرع لقب واسمه ذكوان والله أعلم (قوله قالوا كيف نرمي وأنت معهم) اسم قائل ذلك منهم نضلة الأسلمي ذكره ابن إسحاق في المغازي عن سفيان بن فروة الأسلمي عن أشياخ من قومه من الصحابة قالوا بينا محجن بن الأدرع يناضل رجلا من أسلم يقال له نضلة فذكر الحديث وفيه فقال نضلة وألقى قوسه من يده والله لا ارمى معه وأنت معه (قوله وانا معكم كلكم) بكسر اللام ووقع في رواية عروة وانا مع جماعتكم والمراد بالمعية معية القصد إلى الخير
(٦٧)