شئ حق وفي رواية عتبة بن مسلم إن كان الشؤم في شئ وكذا في حديث جابر عند مسلم وهو موافق لحديث سهل بن سعد ثاني حديثي الباب وهو يقتضي عدم الجزم بذلك بخلاف رواية الزهري قال ابن العربي معناه إن كان خلق الله الشؤم في شئ مما جرى من بعض العادة فإنما يخلقه في هذه الأشياء قال المازري مجمل هذه الرواية ان يكن الشؤم حقا فهذه الثلاث أحق به بمعنى ان النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها وجاء عن عائشة انها أنكرت هذا الحديث فروى أبو داود الطيالسي في مسنده عن محمد بن راشد عن مكحول قال قيل لعائشة ان أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم في ثلاثة فقالت لم يحفظ انه دخل وهو يقول قاتل الله اليهود يقولون الشؤم في ثلاثة فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله (قلت) ومكحول لم يسمع من عائشة فهو منقطع لكن روى أحمد وابن خزيمة والحاكم من طريق قتادة عن أبي حسان ان رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فقالا ان أبا هريرة قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الطيرة في الفرس والمرأة والدار فغضبت غضبا شديدا وقالت ما قاله وانما قال إن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك انتهى ولا معنى لانكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصحابة له في ذلك وقد تأوله غيرها على أن ذلك سيق لبيان اعتقاد الناس في ذلك لا انه أخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بثبوت ذلك وسياق الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها يبعد هذا التأويل قال ابن العربي هذا جواب ساقط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث ليخبر الناس عن معتقداتهم الماضية والحاصلة وانما بعث ليعلمهم ما يلزمهم أن يعتقدوه انتهى وأما ما أخرجه الترمذي من حديث حكيم بن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا شؤم وقد يكون اليمن في المرأة والدار والفرس ففي اسناده ضعف مع مخالفته للأحاديث الصحيحة وقال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه وشؤم الدار جار السوء وروى أبو داود في الطب عن ابن القاسم عن مالك انه سئل عنه فقال كم من دار سكنها ناس فهلكوا قال المازري فيحمله مالك على ظاهره والمعنى ان قدر الله ربما اتفق ما يكره عند سكنى الدار فتصير في ذلك كالسبب فتسامح في إضافة الشئ إليه اتساعا وقال ابن العربي لم يرد مالك إضافة الشؤم إلى الدار وانما هو عبارة عن جرى العادة فيها فأشار إلى أنه ينبغي للمرء الخروج عنها صيانة لاعتقاده عن التعلق بالباطل وقيل معنى الحديث ان هذه الأشياء يطول تعذيب القلب بها مع كراهة أمرها لملازمتها بالسكنى والصحبية ولو لم يعتقد الانسان الشؤم فيها فأشار الحديث إلى الامر بفراقها ليزول التعذيب (قلت) وما أشار إليه ابن العربي في تأويل كلام مالك أولى وهو نظير الامر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوي والمراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شئ من ذلك القدر فيعتقد من وقع له ان ذلك من العدوي أو من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهى عن اعتقاده فأشير إلى اجتناب مثل ذلك والطريق فيمن وقع له ذلك في الدار مثلا أن يبادر إلى التحول منها لأنه متى استمر فيها ربما حمله ذلك على اعتقاد صحة الطيرة والتشاؤم واما ما رواه أبو داود وصححه الحاكم من طريق إسحاق بن طلحة عن أنس قال رجل يا رسول الله انا كنا في دار كثير فيها عددنا وأموالنا فتحولنا إلى أخرى فقل فيها ذلك فقال ذروها ذميمة وأخرج من حديث
(٤٦)