مع أن معاوية أسلم سنة الفتح على المشهور، وكان هو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، وكفره إلى يوم الفتح لا يحتاج إلى زيادة بيان وإطالة كلام، لأنه واضح لمن له أدنى إلمام بالتأريخ والحديث والتفسير، وإن شئت زيادة تحقيق فراجع النصائح الكافية وأسد الغابة والإصابة وغيرهما وإن أشادت الأقلام المستأجرة الأموية إسلامه في عمرة القضاء وكتمه إسلامه عن أبويه نقلوه عن معاوية نفسه - وثعالة شهيده ذنبه - وقد أتى العلامة الفذ الأميني رضوان الله عليه في الغدير 10 بما لا مزيد عليه في معاوية وأوله وآخره وإيمانه وكفره ونفاقه.
لم يكتب معاوية له (صلى الله عليه وآله) إلا أشهرا قلائل وكان يكتب بعض الرسائل، وأهمل يوما وتعلل بالأكل حتى قال النبي (صلى الله عليه وآله) " لا أشبع الله بطنه " (1) اقرأ واضحك على ابن كثير كيف جعل هذا الدعاء من فضائل معاوية لعن الله العصبية العمياء (2).
قال المؤرخ المحقق المسعودي في مروج الذهب في طي ذكر أخلاق معاوية في بيان شأن العامة الذين هم الغوغاء أتباع كل ناعق: " ثم تدبر في تفرقهم في أحوالهم ومذاهبهم، فانظر إلى إجماع ملأهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام يدعو الخلق إلى الله اثنتين وعشرين سنة وهو ينزل عليه الوحي ويمليه على أصحابه فيكتبونه ويدونونه ويتلقطونه لفظة لفظة، وكان معاوية في هذه المدة بحيث علم الله.
ثم كتب له (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته بشهور فأشادوا ذكره ورفعوا منزلته بأن جعلوه كاتبا للوحي وعظموه بهذه الكلمة وأضافوه إليها وسلبوها عن غيره وأسقطوا