هذا كله بعد البعثة، وأما قبلها فلم يكن في المدينة من الكتاب إلا ما سيأتي من البلاذري.
وقد تكلم ابن خلدون في الكتابة (قبل الإسلام) وفصل القول فيه وملخصه فيما يتعلق بموضوعنا: أن الذي تعلم الكتابة من الحيرة هو سفيان بن أمية ويقال حرب بن أمية (1) وأخذها من أسلم بن سدرة، وهو قول ممكن، وكانت كتابة العرب بدوية من كتابتهم (أي: حمير) أو قريبة من كتابتهم، وكان الخط العربي أوائل الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف، حيث رسمه الصحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الإجادة، ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم تبركا بما رسمه أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا تلتفتن في ذلك إلى ما يزعمه المغفلون من أنهم كانوا محكمين لصناعة الخط... (2).
وقال البلاذري في فتوح البلدان: 663: " قال الواقدي: كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلين، وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية وكان يعلمها الصبيان في المدينة في الزمن الأول، فجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون وهم: سعد بن عبادة بن دليم والمنذر بن عمرو وأبي بن كعب وزيد بن ثابت... ورافع بن مالك وأسيد بن حضير ومعن بن عدي البلوي حليف الأنصار وبشير بن سعيد وسعد بن الربيع وأوس بن خولي وعبد الله بن أبي المنافق " (3).