كتابك مقاما يعبأ به الخطيب المدره، فتركت من حضر لا أهل ورد ولا صدر كالمتحيرين بمهمه ضل بهم الدليل وأنا على أمثال ذلك قدير.
وكتب في أسفل الكتاب:
إذا معشري لم ينصفوني وجدتني * أدافع عني الضيم ما دمت باقيا وكم معشر أعيت قناتي عليهم * فلاموا وألفوني لدى العزم ماضيا وهم به ضاقت صدور فرجته * وكنت بطبي للرجال مداويا أدافع بالحلم الجهول مكيدة * وأخفي له تحت العضاه الدواهيا فإن تدن مني أدن منك وإن تبن * تجدني إذا لم تدن مني نائيا فأعطاه معاوية جميع ما سأله وكتب إليه بخط يده ما وثق به فدخل إليه الشام فقربه وأدناه، وأقره على ولايته ثم استعمله على العراق.
وروى علي بن محمد المدائني قال: لما أراد معاوية استلحاق زياد وقد قدم عليه الشام جمع الناس وصعد المنبر وأصعد زيادا معه فأجلسه بين يديه على المرقاة التي تحت مرقاته وحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس إني قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد فمن كان عنده شهادة فليقم بها، فقام ناس فشهدوا أنه ابن أبي سفيان وأنهم سمعوا ما أقربه قبل موته، فقام أبو مريم السلولي فكان خمارا في الجاهلية فقال: أشهد يا أمير المؤمنين أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف فأتاني فاشتريت له لحما وخمرا وطعاما، فلما أكل قال: يا أبا مريم أصب لي بغيا فخرجت فأتيت بسمية فقلت لها: إن أبا سفيان ممن قد عرفت شرفه وجوده وقد أمرني أن أصيب له بغيا فهل لك؟ فقالت: نعم يجئ الآن عبيد بغنمه وكان راعيا فإذا تعشى ووضع رأسه أتيته، فرجعت إلى أبي سفيان فأعلمته فلم تلبث أن جاءت تجر ذيلها فدخلت معه فلم تزل عنده حتى أصبحت فقلت له لما انصرفت: كيف رأيت صاحبتك؟ قال: خير صاحبة لولا ذفر في إبطيها، فقال زياد من فوق المنبر: يا أبا مريم لا تشتم أمهات الرجال، فتشتم أمك، فلما انقضى كلام معاوية ومناشدته قام زياد وأنصت الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: