الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ٢ - الصفحة ٥٩١
مسير بسر بن أبي أرطاة (1) وغارته على المسلمين وأهل الذمة وأخذه الأموال ورجوعه إلى الشام
1 - قال المؤرخ الشهير أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفيالمتوفى سنة 314 في كتاب الفتوح تحت عنوان (خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب) (ج 4، ص 53) ما نصه: (قال: وتحركت شيعة عثمان بن عفان وخالفوا عليا - رضي الله عنه - وأظهروا البراءة منه قال: وباليمن يومئذ عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب من قبل علي بن أبي طالب وكان مقيما بصنعاء فأرسل إلى جماعة من هؤلاء الذين خالفوا عليا فدعاهم ثم قال: يا هؤلاء ما هذا الذي أنتم فيه من السعي في الفساد؟ وما أنتم والطلب بدم عثمان؟ وإنما أنتم قوم رعية وقد كنتم قبل اليوم لازمين بيوتكم فلما سمعتم بذكر هذه الغارات رفعتم رؤوسكم وخالفتم علينا. قال: فقالوا: يا أمير إنا لم نزل نرى مجاهدة من سعى على أمير المؤمنين عثمان بن عفان قال: وأمر عبيد الله بن العباس بحبس رجال منهم فحبسوا، وبلغ ذلك قوما من أهل اليمن ممن كان يرى مخالفة علي رضي الله عنه فكتبوا إلى عبيد الله بن عباس أن: خل سبيل من في سجنك من إخواننا، وإلا فلا طاعة لك ولا لصاحبك علينا، قال: فأبى عبيد الله أن يخلي سبيلهم. قال: فاستعصى أهل اليمن ومنعوا زكاة أموالهم وأظهروا العصيان، وكتب عبيد الله بن عباس بذلك إلى علي وأخبره بما هم فيه أهل صنعاء من الخلاف والعصيان، فدعا على بيزيد بن أنس الأرحبي فقال: ألا ترى إلى صنع قومك باليمن ومخالفتهم علي وعلى عاملي؟! فقال يزيد بن أنس: والله يا أمير المؤمنين إن ظني بقومي لحسن في طاعتك، وإن شئت سرت إليهم بنفسي، وإن شئت كتبت إليهم ونظرت ما يكون من جوابهم، فإن رجعوا إلى طاعتك وإلا سرت إليهم فكفيتك أمرهم إن شاء الله، فقال علي: أكتب إليهم.
قال: ثم كتب علي رضي الله عنه:
أما بعد فقد بلغني جرمكم وشقاقكم واعتراضكم على عاملي بعد الطاعة والبيعة فاتقوا - الله وارجعوا إلى ما كنتم عليه فإني أصفح عن جاهلكم وأحفظ قاصيكم وأقوم فيكم بالقسط، وإن لم تفعلوا فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد.
قال: ثم بعث بكتابه هذا إليهم مع رجل من همذان يقال له: الحر بن نوف بن عبيد.
قال: فأقبل الهمذاني بالكتاب إلى أهل اليمن ثم صار إلى مدينة من مدنهم يقال لها الجند، وأهل الجند قد كتبوا إلى معاوية وسألوه أن يوجه إليهم بأمير من قبله. قال:
فقدم عليهم رسول على فأقرأهم الكتاب ثم قال: اعلموا أن أمير المؤمنين عليا أراد يوجه إليكم يزيد بن أنس في الخيل والرجال، ثم إنه لم يحب أن يعجل عليكم فاتقوا الله ربكم ولا تفسدوا في أرضكم ولا تقاتلوا إمامكم قال: فتكلم قوم من كبرائهم فقالوا: يا هذا إنا قد سمعنا كلامك فاذهب إلى علي رضي الله عنه فليبعث إلينا من شاء فإنا على بيعة أمير المؤمنين عثمان بن عفان.
قال: ثم كتبوا إلى معاوية:
أما بعد يا أمير المؤمنين فالعجل العجل وجه إلينا من قبلك لنبايعك على يديه، وإلا كتبنا إلى علي فاعتذرنا إليه مما كان منا والسلام.
خبر بسر بن [أبي] أرطاة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن.
قال (فعندها دعا معاوية بسر بن أبي أرطاة الفهري وهو أحد فراعنة الشام فعقد له عقدا وضم إليه أربعة آلاف رجل من نجبة رجال أهل الشام (القصة إلى آخرها)).
أقول (لولا خوف الإطالة لذكرت جميع كلماته هنا فإن فيها فوائد كما قد علم مما نقلناه فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع الكتاب (ج 4، ص 55 - 72).
ثم ليعلم أن بسرا قد ارتكب في مسيره هذا جنايات عظيمة ذكرها أرباب التراجم والسير وكلهم اتفقوا على أنه ارتكب أمورا عظاما شنيعة وسنذكر ترجمته في تعليقات آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
(أنظر التعليقة رقم 66).