الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ٢ - الصفحة ٦٤٧
وكان كتاب معاوية:
أما بعد فقد بلغني كتابك وأيم الله لئن بقيت لك لأكافئنك.
وكان كتاب زياد بن عبيد إلى معاوية بن أبي سفيان:
1 - قال ابن أبي الحديد في شرح النهج نقلا عن كتاب صفين لنصر بن مزاحم (ج 2، ص 280، س 30): (قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد عن الأعمش قال: كتب معاوية إلى زياد بن سمية وكان عاملا لعلي (ع) على بعض فارس كتابا كان وعيدا وتهددا فقال زياد: ويلي على معاوية كهف المنافقين وبقية الأحزاب يتهددني ويتوعدني وبيني وبينه ابن عم محمد معه سبعون ألفا سيوفهم على عواتقهم يطيعونه في جميع ما يأمرهم به لا يلتفت رجل منهم وراءه حتى يموت، أما والله لو ظفر ثم خلص إلي ليجدنني أحمر ضرابا بالسيف. قال نصر:
أحمر أي مولى، فلما ادعاه معاوية عاد عربيا منافيا [أي منسوبا إلى عبد مناف]).
أقول: ما نقله ابن أبي الحديد عن كتاب نصر فهو مذكور بأدنى تفاوت في كتاب صفين (أنظر ص 416 - 417 من الطبعة الأولى بالقاهرة سنة 1365). ونقله المجلسي (ره) في ثامن البحار في باب جمل ما وقع بصفين (ص 497، س 5) وأورد بيانا لمعنى أحمر وقد نقلناه في تعليقاتنا فيما سبق ونقله الطبري في تاريخه في حوادث سنة 41 (ص 97 من ج 6) بإسناده عن الشعبي: (قال: كتب معاوية حين قتل علي (ع) إلى زياد يتهدده فقام خطيبا فقال: العجب من ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق ورئيس الأحزاب كتب إلي يتهددني وبيني وبينه ابنا عم رسول الله (ص) يعني ابن عباسوالحسن بن علي في تسعين ألفا واضعي سيوفهم على عواتقهم لا ينثنون لئن خلص إلي الأمر ليجدنني أحمر ضرابا بالسيف) وقال اليعقوبي في تاريخه (ج 2، ص 194 من طبعة النجف سنة 1358):
(وكان زياد بن عبيد عامل علي بن أبي طالب (ع) على فارس فلما صار الأمر إلى معاوية كتب إليه يتوعده ويتهدده فقام زياد خطيبا فقال: إن ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق وبقية الأحزاب كتب يتوعدني ويتهددني وبيني وبينه ابنا بنت رسول الله في تسعين ألفا واضعي قبائع سيوفهم تحت أذقانهم لا يلتفت أحدهم حتى يموت، أما والله لئن وصل إلي ليجدني أحمز ضرابا بالسيف) وقال مصحح الكتاب والمعلق عليه في ذيل الصفحة: الأحمز بالحاء ثم الميم والزاء المعجمة = الشديد) وفي الفتوح لابن أعثم الكوفي تحت عنوان: (ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه) (ج 4، ص 171) بعد أن ذكر كتابا لمعاوية إلى زياد ما نصه: (قال فلما انتهى الكتاب إلى زياد بن أبيه قام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن من أعجب العجب أن ابن آكلة الأكباد أوعدني وبيني وبينه ابن عم رسول الله (ص)والمهاجرون والأنصار واضعو سيوفهم على عواتقهم لا يريدون إلا الله تبارك وتعالى، أما والله لو كتب إلى أمير المؤمنين يأذن لي فيه لوجدني ابن آكلة الأكباد بحيث يسوؤه).
أقول: مضافا إلى أن مضمون الكتاب يومي إلى أن إرسال معاوية إياه إلى زياد كان في حياة أمير المؤمنين علي عليه السلام يدل عليه صريحا ما ذكره اليعقوبي بعد خطبة زياد بهذه العبارة:
(قال: وبلغ عليا ما كتب به معاوية إلى زياد فكتب إليه علي - رضي الله عنه - أما بعد فإني وليتك ما أنت فيه، وأنا أراك له أهلا، وأنك لن تضبط ما أنت فيه إلا بالصبر فاستعن بالله وتوكل عليه وكن من خديعة معاوية على حذر، والسلام).
ونظيره ما أورده الرضي (ره) في نهج البلاغة في باب المختار من كتبه (ع) بهذه العبارة: (ومن كتاب له (ع) إلى زياد بن أبيه وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه) (أنظر شرح النهج الحديدي (ج 4، ص 66) وسنذكر في تعليقات آخر الكتاب قصة استلحاق معاوية زياد بن أبيه (أنظر التعليقة رقم 68).