الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ٢ - الصفحة ٥١٨
ومنهم الوليد بن عقبة وهو الذي سماه الله في كتابه فاسقا (1) وهو أحد الصبية الذين بشرهم النبي صلى، الله عليه وآله بالنار (2) وقال شعرا يرد على النبي صلى الله عليه وآله قوله حيث قال في علي عليه السلام: إن
1 - قال المجلسي (ره) في ثامن البحار في باب ذكر أصحاب النبي (ص 728، س 34) نقلا عن شرح النهج الحديدي: (قال شيخنا أبو القاسم البلخي: من المعلوم أن الوليد بن عقبة كان يبغض عليا ويشتمه، وأنه الذي لاحاه في حياة رسول الله ونابذه وقال له:
أنا أثبت منك جنانا وأحد سنانا فقال له علي (ع): اسكت يا فاسق فأنزل الله تعالى فيهما:
أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون، فكان لا يعرف في حياة رسول الله إلا بالوليد الفاسق، وسماه الله في آية أخرى فاسقا وهو قوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا، وكان يبغضرسول الله (ص)، وأبوه عقبة بن أبي معيط هو العدو الأزرق بمكة وكان يؤذي رسول الله (ص)).
أقول: عبارة المجلسي (ره) تلخيص مما ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج على سبيل التفصيل (أنظر ص 364).
2 - قال ابن أبي الحديد في شرح النهج (ج 1، ص 364، س 11): (قال الشيخ أبو القاسم: وهو أحد الصبية الذين قال أبوه عقبة فيهم وقد قدم ليضرب عنقه، من للصبية يا محمد؟ - فقال: النار، اضربوا عنقه.
وقال: وللوليد شعر يقصد فيه الرد على رسول الله (ص) حيث قال: إن تولوها عليا تجدوه هاديا مهديا قال: وذلك أن عليا (ع) لما قتل قصد بنوه أن يخفوا قبره خوفا من بني أمية أن يحدثوا في قبره حدثا فأوهموا الناس في موضع قبره تلك الليلة وهي ليلة دفنه إيهامات مختلفة، فشدوا على جمل تابوتا موثقا بالحبال يفوح منه روائح الكافور وأخرجوه من الكوفة سواد الليل صحبة ثقاتهم يوهمون أنهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة عليها السلام، وأخرجوا بغلا وعليه جنازة مغطاة يوهمون أنهم يدفنونه بالحيرة وحفروا حفائر عدة، منها بالمسجد، ومنها برحبة القصر قصر الإمارة، ومنها في حجرة من دور آل جعدة بن هبيرة المخزومي، ومنها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسري بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد، ومنها في الكناسة، ومنها في الثوية فعمي على الناس موضع قبره، ولم يعلم مدفنه على الحقيقة إلا بنوه والخواص المخلصون من أصحابه فإنهم خرجوا به عليه السلام وقت السحر في الليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان فدفنوه على النجف بالموضع المعروف بالغري بوصاة منه عليه السلام إليهم في ذلك وعهد كان عهد به إليهم وعمي موضع قبره على الناس، واختلفت الأراجيف في صبيحة ذلك اليوم اختلافا شديدا وافترقت الأقوال في موضع قبره الشريف وتشعبت، وادعى قوم أن جماعة من طئ وقعوا على جمل في تلك الليلة وقد أضله أصحابه ببلادهم وعليه صندوق فظنوا فيه مالا فلما رأوا ما فيه خافوا أن يطلبوا به فدفنوا الصندوق بما فيه ونحروا البعير وأكلوها، وشاع ذلك في بني أمية وشيعتهم واعتقدوه حقا، فقال الوليد بن عقبة من أبيات يذكره عليه السلام فيها:
فإن يك قد ضل البعير بحمله * فما كان مهديا ولا كان هاديا).
أقول: للعلامة الحلي - قدس سره - رسالة في تعيين موضع قبر أمير المؤمنين - عليه السلام - ولكونها مربوطة بالمقام نوردها في تعليقات آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
(أنظر التعليقة رقم 58)