الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ٢ - الصفحة ٦١٥
فقالت امرأة منهن: هذه الرجال تقتلها فعلام تقتل الولدان (1)؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية ولا في الإسلام، والله إن سلطانا لا يشتد إلا بقتل الضرع (2) الضعيف والمدرهم (3) الكبير ورفع الرحمة وقطع (4) الأرحام لسلطان سؤ فقال بسر: والله لهممت
١ - في شرح النهج: (فما بال الولدان؟).
٢ - في شرح النهج: (الزرع) ففي المصباح المنير: (ضرع له يضرع بفتحتين ضرعا ذل وخضع فهو ضارع، وضرع ضرعا من باب تعب لغة، وأضرعته الحمى أوهنته، وضرع ضرعا وزان شرف شرفا ضعف، فهو ضرع تسمية بالمصدر).
3 - في شرح النهج: (الشيخ الكبير) ففي الصحاح: (شيخ مدرهم أي مسن وقد ادرهم ادرهماما أي سقط من الكبر وقال:
أنا القلاخ في بغائي مقسما * أقسمت لا أسأم حتى يسأما * ويدرهم هرما وأهرما) وفي القاموس: (شيخ مدرهم كمشمعل ساقط كبرا، وادرهم بصره أظلم وكبر سنه) وفي لسان العرب: (المدرهم الساقط من الكبر وقيل: هو الكبير السن أيا كان، وقد ادرهم يدرهم ادرهماما أي سقط من الكبر وقال القلاخ: أنا القلاخ (إلى قوله) وأهرما، وادرهم بصره أظلم).
4 - كذا في شرح النهج، وفي الأصل: (حفو) وهو بمعنى المنع والإعطاء، ضد.
فليعلم أن الطبري قد نقل في تاريخه عند ذكره حوادث سنة أربعين قصة بسر بن أبي أرطاة تحت عنوان: (توجيه معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز) وهكذا نقلهما ابن الأثير في كامل التواريخ عند ذكره وقائع السنة المذكورة تحت عنوان: (ذكر سرية بسر بن أبي أرطاة إلى الحجاز واليمن) لكنهما اكتفيا بذكرها بعنوان الاختصار ولما كانت الإشارة إلى اختلاف العبارات والكلمات تفضي إلى الإطناب لم نشر إلى اختلافها وها أنا أذكر قصة قتل بسر ابني - عبيد الله بن عباس هنا عن الكامل وهي: (وأخذ ابنين لعبيد الله بن عباس صغيرين هما عبد الرحمن وقثم فقتلهما، وكانا عند رجل من كنانة بالبادية فلما أراد قتلهما، قال له الكناني:
لم تقتل هذين ولا ذنب لهما؟ - فإن كنت قاتلهما فاقتلني معهما فقتله وقتلهما بعده، وقيل:
إن الكناني أخذ سيفه وقاتل عن الغلامين وهو يقول:
الليث من يمنع حافات الدار * ولا يزال مصلتا دون الجار فقاتل حتى قتل، وأخذ الغلامين فذبحهما، فخرج نسوة من بني كنانة فقالت امرأة منهن:
يا هذا قتلت الرجال فعلام تقتل هذين؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية والإسلام، والله يا ابن أبي أرطاة إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبي الصغير والشيخ الكبير ونزع الرحمة وعقوق الأرحام لسلطان سوء (إلى أن قال) وكانت أم ابني عبيد الله أم الحكم جويرية بنت خويلد بن قارظ وقيل: عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان فلما قتل ولداها ولهت عليهما فكانت لا تعقل ولا تصغي ولا تزال تنشدهما في المواسم وتقول: يا من أحس (الأبيات) وهي أبيات مشهورة فلما سمع أمير المؤمنين بقتلهما جزع جزعا شديدا ودعا على بسر (إلى آخر ما قال)) وإنما اخترنا النقل من الكامل لكون ما فيه من القصة أبسط وأطول مما في تأريخ الطبري.