فارس أو بعض أعمال فارس فضبطها ضبطا صالحا، وجبا خراجها وحماها، وعرف ذلك معاوية فكتب إليه:
أما بعد فإنه غرتك قلاع تأوي إليها ليلا كما تأوي الطير إلى وكرها، وأيم الله لولا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان لك مني ما قال العبد الصالح:
فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم (الآية) وكتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته:
تنسى أباك وقد شالت نعامته * إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس وقال: العجب من ابن آكلة - الأكباد ورأس النفاق يهددني وبيني وبينه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وزوج سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين، وصاحب الولاية والمنزلة والإخاء في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان. أما والله لو تخطى هؤلاء أجمعين إلي لوجدني أحمر محبا ضرابا بالسيف. ثم كتب إلى علي عليه السلام، وبعث بكتاب - معاوية في كتابه.
فكتب إليه علي عليه السلام وبعث بكتابه:
أما بعد، فإني قد وليتك ما وليتك وأنا أراك لذلك أهلا، وإنه كانت من أبي سفيان فلتة في أيام عمر من أماني التيه وكذب النفس لم تستوجب بها ميراثا ولم تستحق بها نسبا، وإن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فاحذره، ثم احذره، ثم احذره، والسلام.
وروى أبو جعفر محمد بن حبيب قال: كان علي عليه السلام قد ولى زيادا قطعة من أعمال فارس واصطنعه لنفسه، فلما قتل علي عليه السلام بقي زياد في عمله، وخاف معاوية جانبه وعلم صعوبة ناحيته وأشفق من ممالاته الحسن بن علي عليه السلام، فكتب إليه.
من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن عبيد أما بعد فإنك عبد قد كفرت النعمة واستدعيت النقمة، ولقد كان الشكر أولى بك من الكفر، وإن الشجرة لتضرب بعرقها وتتفرع من أصلها، إنك لا أم لك بل لا أب لك قد هلكت