الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ٢ - الصفحة ٤٥١
فكسر، وانصرف النعمان.
فبلغ الخبر عليا عليه السلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (1):
يا أهل الكوفة المنسر من مناسر أهل الشام (2) إذا أظل (3) عليكم أغلقتم أبوابكم
١ - لما كان ابن أبي الحديد لم يذكر هذه الرواية عند نقله القصة أحببنا أن نذكرها هنا من تأريخ الطبري فإنه قال في حوادث سنة تسع وثلاثين بعد ذكره القصة برواية علي بن محمد عن عوانة قريبا مما في المتن ما نصه (ج ٦، ص ٧٧ من الطبعة الأولى بمصر):
(حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي قال: حدثنا أبي قال: حدثني سليمان عن عبد الله قال: حدثني عبد الله بن أبي معاوية عن عمرو بن حسان عن شيخ من بني فزارة قال:
بعث معاوية النعمان بن بشير في ألفين فأتوا عين التمر فأغاروا عليها وبها عامل لعلي يقال له:
ابن فلان الأرحبي في ثلاث مائة فكتب إلى علي يستمده فأمر الناس أن ينهضوا إليه فتثاقلوا فصعد المنبر فانتهيت إليه وقد سبقني بالتشهد وهو يقول:
يا أهل الكوفة كلما سمعتم بمنسر من مناسر أهل الشام أظلكم انجحر كل امرئ منكم في بيته وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، المغرور من غررتموه، ولمن فاز بكم بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء ولا إخوان ثقة عند النجاء، إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا منيت به منكم، عمي لا تبصرون، وبكم لا تنطقون، وصم لا تسمعون، إنا لله وإنا إليه راجعون).
ونقل الجزري في الكامل نحوه بتفاوت يسير وتلخيص كما هو دأبه.
٢ - أورد السيد الرضي (ره) قطعة من هذه الخطبة في باب المختار من خطبه عليه السلام في نهج البلاغة تحت عنوان (ومن كلام له (ع) في ذم أصحابه): (كم أداريكم (إلى أن قال) كلما أطل عليكم منسر من مناسر أهل الشام أغلق كل رجل منكم بابه وانجحر انجحار الضبة في جحرها والضبع في وجارها، الذليل والله من نصرتموه، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل). وقطعة أخرى أيضا في الباب المذكور تحت عنوان (من كلام له (ع)): (ولئن أمهل الله الظالم (إلى أن قال): يا أهل الكوفة منيت منكم بثلاث واثنتين صم ذوو أسماع، وبكم ذوو كلام، وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء (أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ج ٢ ص ٣٨ و ص ١٨٣).
أقول: سيأتي بعض فقرات هذه الخطبة في الكتاب في غارة سفيان بن عوف الغامدي أيضا.
٣ - كذا في الأصل بالظاء المعجمة ففي المصباح المنير: (وأظل الشئ إظلالا إذا أقبل أو قرب، وأظل أشرف) وفيه [في كتاب الطاء المهملة:] (وأطل الرجل على الشئ مثل أشرف عليه وزنا ومعنى) وزاد عليه في مجمع البحرين: (ومنه الحديث: المشرق مطل على المغرب) وأورده السيد (ره) في نهج البلاغة (بالطاء المهملة) فقال ابن أبي الحديد في شرحه: (وأطل عليكم أي أشرف، وروى أظل (بالظاء المعجمة) والمعنى واحد) ونقله المجلسي (ره) في ثامن البحار عن النهج بالظاء المعجمة وقال في بيانه (ج 8، ص 685): (وأظل عليكم أي أقبل إليكم ودنا منكم، وفي بعض النسخ بالمهملة أي أشرف).