وأهلكت، وظننت أنك تخرج من قبضتي، ولا ينالك سلطاني؟ هيهات ما كل ذي - لب يصيب رأيه، ولا كل ذي رأي ينصح في مشورته، أمس عبد واليوم أمير؟..! خطة ما ارتقاها مثلك يا ابن سمية، وإذا أتاك كتابي هذا فخذ الناس بالطاعة والبيعة وأسرع الإجابة فإنك إن تفعل فدمك حقنت ونفسك تداركت، وإلا اختطفتك بأضعف ريش، ونلتك بأهون سعي، وأقسم قسما مبرورا أن لا أوتي بك إلا في زمارة، تمشي حافيا من أرض فارس إلى الشام حتى أقيمك في السوق وأبيعك عبدا وأردك إلى حيث كنت فيه وخرجت منه، والسلام.
فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضبا شديدا، وجمع الناس وصعد المنبر فحمد الله ثم قال:
ابن آكلة الأكباد، وقاتلة أسد الله، ومظهر الخلاف، ومسر النفاق، ورئيس - الأحزاب، ومن أنفق ماله في إطفاء نور الله كتب إلي يرعد ويبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها، وعما قليل تصيرها الرياح قزعا، والذي يدلني على ضعفه تهدده قبل القدرة أفمن إشفاق علي تنذر وتعذر كلا ولكن ذهب إلى غير مذهب، وقعقع لمن روى بين صواعق تهامة، كيف أرهبه؟ وبيني وبينه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وابن ابن عمه في مائة ألف من المهاجرين والأنصار، والله لو أذن لي فيه أو ندبني إليه لأرينه الكواكب نهارا ولأسعطنه ماء الخردل دونه، الكلام اليوم والجمع غدا، والمشورة بعد ذلك إن شاء الله، ثم نزل، وكتب إلى معاوية.
أما بعد فقد وصل إلي كتابك يا معاوية وفهمت ما فيه فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب، ويتعلق بأرجل الضفادع طمعا في الحياة، إنما يكفر النعم ويستدعي النقم من حاد الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا، فأما سبك لي فلولا حلم ينهاني عنك وخوفي أن ادعى سفيها لاثرت لك مخازي لا يغسلها الماء، وأما تعييرك لي بسمية فان كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة، وأما زعمك أنك تختطفني بأضعف ريش وتتناولني بأهون سعي فهل رأيت بازيا يفزعه صغير القنابر؟!
أم هل سمعت بذئب أكله خروف؟! فامض الان لطيتك واجتهد جهدك فلست أنزل إلا بحيث