أمر أهل البصرة فوجدت عظم (1) أهلها لنا وليا ولعلي وشيعته عدوا، وقد أوقع بهم على الوقعة التي علمت، فأحقاد تلك الدماء ثابتة في صدورهم لا تبرح ولا تريم (2)، وقد علمت أن قتلنا ابن أبي بكر [ووقعتنا بأهل مصر قد] أطفأت نيران أصحاب علي في الآفاق، ورفعت رؤوس أشياعنا أينما كانوا من البلاد. وقد بلغ من كان بالبصرة على مثل رأينا من ذلك ما بلغ الناس، وليس أحد ممن يرى رأينا أكثر عددا ولا أضر خلافا على علي من أولئك، فقد رأيت أن أبعث إليهم عبد الله بن عامر الحضرمي فينزل في مضر، ويتودد الأزد، ويحذر ربيعة وينعى (3) دم عثمان بن عفان ويذكرهم وقعة علي بهم التي أهلكت صالحي إخوانهم وآبائهم وأبنائهم فقد رجوت عند ذلك أن يفسدوا على علي وشيعته ذلك الفرج (4) من الأرض، ومتى يؤتوا (5) من خلفهم وأمامهم يضل سعيهم ويبطل كيدهم، فهذا رأيي فما رأيك؟ فلا تحبس رسولي إلا قدر مضي الساعة التي ينتظر فيها جواب كتابي هذا، أرشدنا الله وإياك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فكتب عمرو بن العاص إلى معاوية:
أما بعد، فقد بلغني كتابك، فقرأته وفهمت رأيك الذي رأيته فعجبت له وقلت: إن الذي ألقاه في روعك وجعله في نفسك هو الثائر لابن عفان والطالب بدمه، وإنه لم يك منك ولا منا منذ نهضنا في هذه الحروب ونادينا أهلها ولا رأى الناس (6) رأيا أضر على عدوك ولا أسر لوليك من هذا الأمر الذي ألهمته فأمض