أخوك أبو بكرة قد دخل القصر قال: ويحك أنت رأيته؟ - قال: ها هوذا قد طلع وفي حجر زياد بني يلاعبه وجاء أبو بكرة حتى وقف عليه فقال للغلام: كيف أنت يا غلام؟ إن أباك ركب في الإسلام عظيما زنى أمه وانتفى من أبيه ولا والله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قط، ثم أبوك يريد أن يركب ما هو أعظم من ذلك يوافي الموسم غدا ويوافي أم حبيبة بنت أبي سفيان وهي من أمهات المؤمنين فإن جاء أن يستأذن عليها فأذنت له فأعظم بها فرية على رسول الله صلى الله عليه وآله ومصيبة، وإن هي منعته فأعظم بها على أبيك فضيحة، ثم انصرف. فقال: جزاك الله يا أخي عن النصيحة خيرا ساخطا كنت أو راضيا، ثم كتب إلى معاوية: إني قد اعتللت عن الموسم فليوجه إليه أمير المؤمنين من أحب، فوجه عتبة بن أبي سفيان.
وأما أبو عمر بن عبد البر فإنه قال في كتاب الاستيعاب:
لما ادعي معاوية زيادا في سنة أربع وأربعين وألحقه به أخا زوج ابنته من ابنه محمد بن زياد ليؤكد بذلك صحة الاستلحاق، وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه، أمهما جميعا سمية فحلف أن لا يكلم زيادا أبدا، وقال: هذا زنى أمه وانتفى من أبيه ولا والله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قط، ويله ما يصنع بأم حبيبة أيريد أن يراها؟ فإن حجبته فضحته، وإن رآها فيا لها مصيبة تهتك من رسول الله صلى الله عليه وآله حرمة عظيمة.
وحج زياد مع معاوية ودخل المدينة فأراد الدخول على أم حبيبة ثم ذكر قول أبي بكرة فانصرف عن ذلك، وقيل: إن أم حبيبة حجبته ولم تأذن له في الدخول عليها، وقيل: إنه حج ولم يرد المدينة من أجل قول أبي بكرة، وأنه قال: جزى الله أبا بكرة خيرا فما يدع النصيحة في حال علي).
أقول: قال ابن خلكان في وفيات الأعيان في ترجمة يزيد بن مفرغ:
(قلت: وقد تكرر في هذه الترجمة حديث زياد وبنيه وسمية وأبي سفيان ومعاوية وهذه الأشعار التي قالها يزيد بن مفرغ فيهم، ومن لا يعرف هذه الأسباب قد يتشوف إلى الاطلاع عليها فنورد منها شيئا مختصرا فأقول).
فخاض في ترجمة زياد وبنيه على سبيل التفصيل ونقلنا كلامه مع طوله