تكره، ولا أجتهد إلا فيما يسوءك، وستعلم أينا الخاضع لصاحبه: الطالع إليه. والسلام.
فلما ورد كتاب زياد على معاوية غمه وأحزنه، وبعث إلى المغيرة بن شعبة فخلا به وقال: يا مغيرة إني أريد مشاورتك في أمر أهمني فانصحني فيه وأشر علي برأي المجتهد، وكن لي أكن لك، فقد خصصتك بسري وآثرتك على ولدي، قال المغيرة: فما ذاك؟ والله لتجدني في طاعتك أمضى من الماء في الحدود من ذي الرونق في كف البطل الشجاع، قال: يا مغيرة إن زيادا قد أقام بفارس يكش لنا كشيش - الأفاعي، وهو رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة جوال الفكر مصيب إذا رمى، وقد خفت منه الآن ما كنت آمنه إذ كان صاحبه حيا، وأخشى ممالاته حسنا فكيف السبيل إليه؟ وما الحيلة في إصلاح رأيه؟ - قال المغيرة: أنا له إن لم أمت، إن زيادا رجل يحب الشرف والذكر وصعود المنابر فلو لاطفته المسألة وألنت له الكتاب لكان لك أميل وبك أوثق، فاكتب إليه وأنا الرسول.
فكتب معاوية إليه:
من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن أبي سفيان:
أما بعد فإن المرء ربما طرحه الهوى في مطارح العطب وإنك للمرء المضروب به المثل قاطع الرحم وواصل العدو، وحملك سوء ظنك بي وبغضك لي على أن عققت قرابتي وقطعت رحمي وبتت نسبي وحرمتي حتى كأنك لست أخي وليس صخر بن حرب أباك وأبي، وشتان ما بيني وبينك أطلب بدم ابن أبي العاص وأنت تقاتلني، ولكن أدركك عرق الرخاوة من قبل النساء، فكنت كتاركة بيضها بالعراء * وملحفة بيض أخرى جناحا وقد رأيت أن أعطف عليك ولا أؤاخذك بسوء سعيك وأن أصل رحمك، وأبتغي الثواب في أمرك. فاعلم أبا المغيرة أنك لو خضت البحر في طاعة القوم فتضرب بالسيف حتى ينقطع متنه لما ازددت منهم إلا بعدا فإن بني عبد شمس أبغض إلى بني بني هاشم من الشفرة إلى الثور الصريع وقد أوثق للذبح. فارجع رحمك الله إلى أصلك واتصل بقومك ولا تكن كالموصول يطير بريش غيره، فقد أصبحت ضال -