أيها الناس إن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله الذين صحبوه أعلم بالله ورسوله ممن لم يصحبه، وإن لكم علينا حقا وأنا مؤد إليكم نصيحة، كان الرأي أن لا تستخفوا بسلطان الله وأن لا تجترئوا على أمره، وهذه فتنة، النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الراكب، والراكب خير من الساعي، فأغمدوا السيوف، وانصلوا الأسنة، واقطعوا الأوتار، وآووا المضطهد والمظلوم [حتى] يلتئم هذا الأمر وتنجلي هذه الفتنة.
فرجع ابن عباس والأشتر إلى علي فأخبره الخبر، فأرسل الحسن وعمار بن ياسر وقال لعمار: انطلق فأصلح ما أفسدت، فانطلقا حتى دخلا المسجد، فكان أول من سلم عليهما مسروق بن الأجدع فقال لعمار: على ما قتلتم عثمان؟ فقال: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا، فقال: والله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، ولو صبرتم لكان خيرا للصابرين.
قال: فخرج أبو موسى فلقي الحسن بن علي (ع) فضمه إليه فقال لعمار:
يا أبا اليقظان أعدوت على أمير المؤمنين عثمان قتلته؟ فقال: لم أفعل ولم يسؤني ذلك، فقطع عليهما الحسن بن علي فقال لأبي موسى: لم تثبط الناس عنا؟ فوالله ما أردنا إلا الاصلاح، ولا مثل أمير المؤمنين يخاف على شئ، فقال: صدقت بأبي [أنت] وأمي ولكن المستشار مؤتمن، سمعت من النبي صلى الله عليه وآله يقول: إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الراكب، وقد جعلنا الله إخوانا وحرم علينا دماءنا وأموالنا. فغضب عمار وسبه وقال: يا أيها الناس إنما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وحده: أنت فيها قاعدا خير منك قائما. فغضب رجل من بني تميم لأبي موسى ونال من عمار، وثار آخرون وجعل أبو موسى يكفكف الناس وكثر اللغط وارتفعت الأصوات وقال أبو موسى: أيها الناس أطيعوني وكونوا خير قوم من خير أمم العرب يأوي إليهم المظلوم ويأمن فيهم الخائف، وإن الفتنة إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت تبينت، ثم أمر الناس بكف أيديهم ولزوم بيوتهم. فقام زيد بن صوحان فقال: أيها الناس سيروا إلى أمير المؤمنين وسيد -