خلال عرض أدلته الشخصية. وتبعا لهذا، نجد أن هذه الخطوة تتميز عن سابقتها بتنوع الإشكال وتضخمه، وأيضا بتنوع رده على الإشكالات المشار إليها.
ومن الواضح، أن هذه الخطوة تعد في قمة الأهمية بالنسبة لمتطلبات المنهج المقارن، نظرا لإمكانية أن تثار على ردوده إشكالات أخر: ما دام طرفا المقارنة يمكنهما أن يقدما الإجابة علي رد كل واحد الآخر. وبمقدورنا أن نستشهد ببعض النماذج في هذا الصعيد.. منها: رده على القول الذاهب بعدم انفعال الماء بالنجاسة في حالة بلوغه قلتين، أو القول المستند إلى ما هو غير شرعي، بالنسبة إلى تقديره، حيث ردهم بالطعن في السند في موضوع القلتين، وردهم بعدم استناد تقديرهم إلى الشرع بل مجرد الاستحسان ونحوه " كما لحظنا في المرحلة السابقة ". وهنا، نجد أن المؤلف يورد " إشكالا " على رده المذكور، حيث افترض ما يلي:
(لا يقال: ينتقض ما ذكرتموه بما رواه الشيخ عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله " ع " قال: إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ. وبما رواه في الصحيح عن صفوان، قال: سألت أبا عبد الله " ع " عن الحياض التي من مكة إلى المدينة، تردها السباع.
فقال " ع ": وكم قدر الماء؟ قلت: إلى نصف الساق إلى الركبة، قال " ع ":
توضأ).
لأنا نجيب عن الأول بأنه مرسل، ولأنه مناف لعمل الأصحاب، ولأنه ورد للتقية.
وعن الثاني بأنه مناف لإجماع المسلمين، لأن القائل بالتقدير لم يقدره بذلك).
فالمؤلف هنا قد أوفى " المقارنة " حقها، وسلك المنحى الموضوعي في ذلك، حينما وجد أن في نصوص " الخاصة " ما يتوافق مع أقوال " العامة "، لذلك لم ينسج صمتا حيال هذه الروايات، بل رد الأولى منهما بضعف السند، ومنافاتها لعمل الأصحاب، وورودها تقية. ورد الأخرى بمخالفتها لإجماع المسلمين.
وإذا كانت هذه الممارسة تعرض " الإشكال " وترده، من خلال إقراره فعلا بوجود نصوص مماثلة لأدلة المخالف، فإنه - في مستوى آخر من الممارسة - لا يقر ب " النقض " إلا من