فقط، وصدق عليه السلام، إذا من المحال أن يكون رجل عاقل ذو دين ينفق النفقة العظيمة في التطوع ثم يمنع اليسير في الزكاة المفروضة، هذا حكم الحديث، واما إعمال الظن الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فباطل.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن لا زكاة في عروض التجارة، وهو أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة) وانه اسقط الزكاة عما دون الأربعين من الغنم، وعما دون خمسة أوسق من التمر والحب، فمن أوجب زكاة في عروض التجارة فإنه يوجبها في كل ما نفى عنه عليه السلام الزكاة مما ذكرنا.
وصح عنه عليه السلام: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر) وانه عليه السلام قال: (قد عفوت عن صدقة الخيل) وأنه عليه السلام ذكر حق الله تعالى في الإبل والبقر والغنم والكنز (1) فسئل عن الخيل فقال: (الخيل ثلاثة: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر) فسئل عن الحمير فقال: (ما انزل على فيها شئ إلا هذه الآية الفاذة (2) الجامعة (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).
فمن أوجب الزكاة عن عروض التجارة فإنه يوجبها في الخيل والحمير والعبيد، وقد قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لا زكاة في شئ منها إلا صدقة الفطر في الرقيق، فلو كانت في عروض التجارة أو في شئ مما ذكر عليه السلام زكاة إذا كان لتجارة -: لبين ذلك بلا شك، فإذ لم يبينه عليه السلام فلا زكاة فيها أصلا.
وقد صح الاجماع المتيقن على أن حكم كل عرض كحكم الخيل والحمير والرقيق وما دون النصاب من الماشية والعين.
ثم اختلف الناس، فمن موجب الزكاة في كل ذلك إذا كان للتجارة، ومن مسقط الزكاة في كل ذلك لتجارة كانت أو لغير تجارة.
وصح بالنص ان لا زكاة في الخيل ولا في الرقيق ولا في الحمير ولا فيما دون النصاب من الماشية والعين، وصح الاجماع من كل أحد على أن حكم كل عرض في التجارة كحكم هذه، فصح من ذلك ان لا زكاة في عروض التجارة بالاجماع المذكور، وقد صح الاجماع أيضا على أنه لا زكاة في العروض.
ثم ادعى قوم أنها إذا كانت للتجارة ففيها زكاة، وهذه دعوى بلا برهان.