فيما أصيب فيها، فإن كانت الأرض مستأجرة فالزكاة على رب الأرض لا على الزارع، فإن كان في أرض مغصوبة، فان قضى لصاحب الأرض بما نقصها الزرع فالزكاة على صاحب الأرض، وان لم يقض له بشئ فالزكاة على الزارع. قال: والمد رطلان.
فهذه خمسة مواضع خالف فيها الحق في هذه المسألة، وقد ذكرنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق من حب أو تمر صدقة).
وتعلق أبو حنيفة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء للعشر).
وأخطأ في هذا، لأنه استعمل هذا الخبر وعصى الآخر، (1) وهذا لا يحل.
ونحن أطعنا ما في الخبرين جميعا، وهو قد خالف هذا الخبر أيضا، إذ خص مما سقت السماء كثيرا برأيه، كالقصب، والحطب والحشيش، وورق الشجر وما أصيب في أرض الخراج ولم ير أن يخصه بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأيضا فإنه كلف من ذلك مالا يطاق، كما قدمنا، وخص من ذلك برأيه ما أصيب في عرصات الدور، وهذه تخاليط لا نظير لها.
واما أبو سليمان فقال: ما كان يحتمل التوسيق فلا زكاة فيه حتى يبلغ خمسة أوسق، وما كان لا يحتمل التوسيق فالزكاة في قليله وكثيره، وقد ذكرنا فساد هذا القول قبل.
والعجب أن أبا حنيفة يزعم أنه صاحب قياس، وهو لم ير فيما يزكى شيئا قليله وكثيره (2) فهلا قاس الزرع على الماشية والعين؟ فلا النص اتبع، ولا القياس طرد.
وأما المد فان أبا حنيفة وأصحابه احتجوا في ذلك بما رويناه من طريق شريك بن عبد الله القاضي عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبر عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يجزئ في الوضوء رطلان) مع الأثر الصحيح في أنه عليه السلام كان يتوضأ بالمد.
وهذا لا حجة فيه، لان شريكا مطرح، مشهور بتدليس المنكرات إلى الثقات، وقد أسقط حديثه الامامان عبد الله بن المبارك، ويحيى بن سعيد القطان وتالله لا أفلح من شهدا عليه بالجرحة.
ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة، لأنه لا يدل ذلك على أن المد رطلان، وقد صح