ثم لو كان في الآية أن في كل صنف من أصناف الأموال صدقة - وليس ذلك فيها لا بنص ولا بدليل -: لما كانت لهم فيها حجة، لأنه ليس فيها مقدار المال المأخوذ، ولا مقدار المال المأخوذ منه ولامتي تؤخذ تلك الصدقة. ومثل هذا لا يجوز العمل فيه بقول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم المأمور بالبيان، قال تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم).
وأما الحديث فليس فيه إلا أن الله تعالى حقا في رقابها وظهورها، غير معين ولا مبين المقدار ولا مدخل للزكاة في ظهور الخيل باجماع منا ومنهم، فصح أن هذا الحق إنما هو على ظاهر الحديث، وهو حمل على ما طابت نفسه منها في سبيل الله تعالى، وعارية ظهورها للمضطر.
وأما فعل عمرو عثمان رضي الله عنهما فقد خالفوهما، وذلك أن قول أبي حنيفة: إنه لا زكاة في الخيل الذكور ولو كثرت وبلغت ألف فرس (1) فإن كانت إناثا أو إناثا وذكورا سائمة غير معلوفة - فحينئذ تجب فيها الزكاة، وصفة تلك الزكاة ان صاحب الخيل مخير، ان شاء أعطى عن كل فرس منها دينارا أو عشرة دراهم، وإن شاء قومها فأعطى من كل مائتي درهم خمسة دراهم (2).
قال أبو محمد: وهذا خلاف فعل عمر.
وأيضا فقد خالفوا فعل عمر في أخذه الزكاة من الرقيق عشرة دراهم من كل رأس، فكيف يجوز لذي عقل ودين أن يجعل بعض فعل عمر حجة وبعضه ليس بحجة؟!.
وخالفوا عليا في إسقاط زكاة الخيل جملة، وأتوا بقول في صفة زكاتها لا نعلم أحدا قاله قبلهم. فظهر فساد قولهم جملة.
وذهب جمهور الناس إلى أن لا زكاة في الخيل أصلا.
حدثنا حمام ثنا ابن مفرج عن ابن الاعرابي عن الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق.
وقد صح ان عمر إنما أخذها على أنها صدقة تطوع منهم لا واجبة.
حدثنا حمام ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا عبد الله بن يونس ثنا بقي بن مخلد ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن ابن أبي خالد عن شبيل بن عوف (3) وكان قد أدرك الجاهلية - قال: أمر عمر بن الخطاب الناس بالصدقة، فقال الناس: