قلنا: هذا لا يجوز، لان بيع أحد الشريكين من صاحبه مباح وتحليله له جائز، ولا يجوز بيع الصدقة قبل قبضها، ولا التحليل منها أصلا،.
فصح يقينا أن ذلك الخبر ليس على عمومه، ذا ذلك كذلك فلا ندري ما يخرج منه إلا ببيان نص آخر فصح أن لا زكاة إلا فيما أوجبه بيان نص غير ذلك النص، أو اجماع متيقن، ولا نص ولا اجماع إلا في البر والشعير والتمر فقط. ومن تعدى هذا فإنما يشرع برأيه، ويخصص الأثر بظنه الكاذب. وهذا حرام وبالله تعالى التوفيق.
(وأما المعادن) فان الأمة مجمعة بلا خلاف من أحد منها على أن الصفر والحديد والرصاص والقزدير لا زكاة في أعيانها، وإن كثرت،.
ثم اختلفوا إذا مزج شئ منها في الدنانير والدراهم والحلى.
فقالت طائفة. تزكى تلك الدنانير والدراهم بوزنها.
قال أبو محمد: وهذا خطأ فاحش، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقط الزكاة نصا فيما دون خمس أواقي من الورق وفيما دون مقدار ما من الذهب ولم يوجب - بلا خلاف - زكاة في شئ من أعيان المعادن المذكورة فمن أوجب الزكاة في الدنانير والدراهم الممزوجة بالنحاس أو الحديد أو الرصاص أو القزدير فقد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين: إحداهما في ايجابه الزكاة في أقل من خمس أواقي من الرقة (1) والثانية في ايجابه الزكاة في أعيان المعادن المذكورة.
وأيضا: فإنهم تناقضوا إذ أوجبوا الزكاة في الصفر والرصاص والقزدير والحديد إذا مزج شئ منها بفضة أو ذهب وأسقطوا الزكاة عنها إذا كانت صرفا وهذا تحكم لا يحل.
وأيضا: فنسألهم عن شئ من هذه المعادن مزج بفضة أو ذهب فكان الممزوج منها أكثر من الذهب ومن الفضة؟ ثم لانزال نزيدهم إلى أن نسألهم عن مائتي درهم في كل درهم فلس فضة فقط وسائرها نحاس؟ فان جعلوا فيها الزكاة أفحشوا جدا، وان أسقطوها سألناهم عن الحد الذي يوجبون فيه الزكاة والذي يسقطونها فيه؟ فان حدوا في ذلك حدا زادوا في التحكم بالباطل، وان لم يحدوا واحدا كانوا قد خلطوا ما يحرمون بما يحلون، ولم يبينوا الا نفسهم ولا لمن اتبعهم الحرام فيجتنبوه، من الحلال فيأتوه!.
قال أبو محمد: والحق من هذا هو أن الأسماء في اللغة والديانة واقعة على المسميات بصفات محمولة فيها، فللفضة صفاتها التي إذا وجدت في شئ سمى ذلك الشئ فضة،