ولو شئنا لعارضناهم بما رويناه من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج قال: (بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه في سفر، وخطبهم يتوكأ على عصا) ولكننا والله الحمد في غنى بالصحيح عما لا يصح.
واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهر في صلاة الظهر بعرفة، وكان يوم جمعة.
قال على: وهذه جرأة عظيمة! وما روى قط أحد أنه عليه السلام لم يجهر فيها، والقاطع بذلك كاذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، قد قفا مالا علم به.
وقد قال عطاء وغيره: إن وافق يوم عرفة يوم جمعة جهر الامام.
قال على: ولا خلاف في أنه عليه السلام خطب وصلى ركعتين وهذه صفة صلاة الجمعة، وحتى لو صح لهم أنه عليه السلام لم يجهر لما كان لهم في ذلك حجة أصلا، لان الجهر ليس فرضا، ومن أسر في صلاة جهر أو جهر في صلاة سر فصلاته تامة، لما قد ذكرنا قبل.
ولجأ بعضهم إلى دعوى الاجماع على ذلك وهذا مكان هان فيه الكذب على مدعيه.
وروينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال: من ادعى الاجماع كذب.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عبد البصير ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن وضاح ومحمد بن عبد السلام الخشني، قال ابن وضاح: ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع، وقال محمد بن عبد السلام الخشني: ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثم اتفق وكيع، وعبد الرحمن كلاهما عن شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع عن أبي هريرة: أنهم كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن الجمعة وهم بالبحرين؟ فكتب إليهم: أن جمعوا حيثما كنتم، وقال وكيع: انه كتب.
وعن أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو خالد الأحمر عن عبد الله بن يزيد قال: سألت سعيد ابن المسيب: على من تجب الجمعة؟ قال: على من سمع النداء.
وعن القعنبي عن داود بن قيس سمعت عمرو بن شعيب وقيل له: يا أبا إبراهيم، على من تجب الجمعة؟ قال: على من سمع النداء.
فعم سعيد وعمر وكل من سمع النداء ولم يخصا عبدا ولا مسافرا من غيرهما.
وعن عبد الرزاق عن سعيد بن السائب بن يسار ثنا صالح بن سعد المكي: أنه كان مع عمر بن عبد العزيز وهو متبدى بالسويداء (1) في امارته على الحجاز، فحضرت الجمعة، فهيؤا