وأما من حد بثلاثين فإنهم ذكروا خبرا مرسلا من طريق أبى محمد الأزدي - وهو مجهول - (إذا اجتمع ثلاثون رجلا (1) فليؤمروا رجلا يصلى بهم الجمعة).
وأما من قال: بقول أبي حنيفة والليث فذكروا حديثا من طريق معاوية بن يحيى عن معاوية بن سعيد عن الزهري عن أم عبد الله الدوسية وقد أدركت النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(الجمعة واجبة في كل قرية وان لم يكن فيهم إلا أربعة).
وهذا لا يجوز الاحتجاج به، لان معاوية بن يحيى، ومعاوية بن سعيد مجهولان.
وأيضا فان أبا حنيفة أول من يخالف هذا الخبر، لأنه لا يرى الجمعة في القرى، لكن في الأمصار فقط.
فكل هذه آثار لا تصح، ثم لو صحت لما كان في شئ منها حجة، لأنه ليس في شئ منها اسقاط الجمعة عن أقل من العدد المذكور.
وقد روى حديث ساقط عن روح بن غطيف -. وهو مجهول (2) - (لما بلغوا مائتين جمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم) فان أخذوا بالأكثر فهذا الخبر هو الأكثر، وإن أخذوا بالأقل فسنذكر إن شاء الله تعالى حديثا فيه أقل.
وأما الشافعي فإنه احتج بخبر صحيح رويناه من طريق الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه: انه كان إذا سمع نداء الجمعة ترحم على أبى أمامة أسعد بن زرارة، فسأله ابنه عن ذلك؟ فقال: إنه أول من جمع بنا في هزم (3) حرة بنى بياضة، في نقيع يعرف بنقيع الخضمات، (4) ونحن يومئذ أربعون رجلا (5).