يأتي الجمعة، وبه يقول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.
وعن ابن المنكدر: تؤتى الجمعة على أربعة أميال.
وقال مالك والليث: تجب الجمعة على من كان من المصر على ثلاثة أميال، ولا تجب على من كان على أكثر من ذلك.
وقال الشافعي: تجب على أهل المصر وإن عظم، وأما من كان خارج المصر، فمن كان بحيث يسمع النداء فعليه أن يجيب ومن كان بحيث لا يسمع النداء لم تلزمه الجمعة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: تلزم الجمعة جميع أهل المصر، سمعوا النداء أو لم يسمعوا، ولا تلزم من كان خارج المصر، سمع النداء أو لم يسمع.
قال على: كل هذه الأقوال لا حجة لقائلها، لامن قرآن، ولا سنة صحيحة ولا سقيمة، ولا قول صاحب لا مخالف له، ولا اجماع، ولا قياس، لا سيما قول أبي حنيفة وأصحابه.
فان تعلق من يحد ذلك بثلاثة أميال بأن أهل العوالي كانوا يجمعون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلنا: وقد روى أن أهل ذي الحليفة كانوا يجمعون معه عليه السلام، وهي على أكثر من ثلاثة أميال، وليس في ذلك دليل على أنه عليه السلام أوجب ذلك عليهم فرضا بل قدر روى أنه عليه السلام اذن لهم في أن لا يصلوها معه، وقد صح ذلك عن عثمان رضي الله عنه، كما روينا من طريق مالك عن الزهري عن أبي عبيد (1) مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان فصلى ثم خطب فقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فليرجع، فقد أذنت له.
قال على: لو كان ذلك عنده فرضا عليهم لما أذن لهم في تركها.
وأما من قال: تجب على من سمع النداء -: فان النداء قد لا يسمعه لخفاء صوت المؤذن، أو لحمل الريح له إلى جهة أخرى، أو لحواله (2) رابية من الأرض دونه من كان قريبا جدا، وقد يسمع علي أميال كثيرة إذا كان المؤذن في المنار والقرية في جبل والمؤذن صيتا والريح تحمل صوته.