فهل سمع بأعجب من هؤلاء القوم لا يزالون يأتون بالخبر يحتجون به على من لا يصححه فيما وافق تقليدهم، وهم أول مخالفين لذلك الخبر نفسه فيما خالف تقليدهم . فكيف يصعد مع هذا عمل ونعوذ بالله من الضلال، فعاد خبرهم حجة عليهم لا علينا، ولو صح ورأيناه حجة لقلنا: به.
وموهوا بأن هذا روى عن أم المؤمنين، وابن عباس، وابن عمر، قالوا: ومثل هذا لا يقال بالرأي.
فقلنا: أما ابن عباس فقد اختلف عنه في ذلك، فصح عنه مثل قولنا، وقد روينا عنه من طريق: عبد الرزاق أنا ابن عيينة عن عبد الكريم بن أبي أمية (1) سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يقول: إن أمنا ماتت وعليها اعتكاف، فسألت ابن عباس فقال: اعتكف عنها وصم.
فمن أين صار ابن عباس حجة في إيجاب الصوم على المعتكف - وقد صح عنه خلاف ذلك - ولم يصر حجة في ايجابه على الولي قضاء الاعتكاف عن الميت؟ وهلا قلتم هاهنا: مثل هذا لا يقال: بالرأي وعهدناهم يقولون: لو كان هذا عند فلان صحيحا ما تركه، أو يقولون: لم يترك ما عنده من ذلك إلا لما هو أصح عنده.
وقد ذكرنا عن عطاء آنفا أنه لم ير الصوم على المعتكف، وسمع طاوسا يذكر ذلك عن ابن عباس فلم ينكر ذلك عليه فهلا قالوا. لم يترك عطاء ما روى عن ابن عباس وابن عمر إلا لما هو عنده أقوى منه. ولكن القوم متلاعبون.
وأما أم المؤمنين فقد روينا عنها من طريق أبى داود. نا وهب بن بقية انا خالد عن عبد الرحمن - يعنى ابن إسحاق - عن الزهري عن عروة عن عائشة أم المؤمنين انها.
(قالت (2) السنة على المعتكف ان لا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة الا لما لابد منه (3)، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف