ابن أمية قال: إني لأمكث في المسجد ساعة، وما أمكث إلا لأعتكف، قال عطاء: حسبت أن صفوان بن يعلى أخبرنيه، قال عطاء: هو اعتكاف ما مكث فيه، وإن جلس في المسجد احتساب الخير فهو معتكف، وإلا فلا.
قال أبو محمد: يعلى صاحب، وسويد من كبار التابعين، أفتى أيام عمر بن الخطاب، ولا يعرف ليلعى في هذا مخالف من الصحابة.
فان قيل: قد جاء عن عائشة، وابن عباس، وابن عمر: لا اعتكاف إلا بصوم، وهذا خلاف لقول يعلى.
قلنا: ليس كما تقول: لأنه لم يأت قط عمن ذكرت الاعتكاف أقل من يوم كامل، إنما جاء عنهم ان الصوم واجب في حال الاعتكاف فقط، ولا يمتنع أن يعتكف المرء على هذا ساعة في يوم هو فيه صائم وهو قول محمد بن الحسن، فبطل ما أوهمتم به.
وقوله تعالى (وأنتم عاكفون في المساجد) فلم يخص تعالى مدة من مدة، وما كان ربك نسيا.
ومن طريق مسلم: نا زهير بن حرب نا يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله - هو ابن عمر - قال أخبرني نافع عن ابن عمر قال: (قال عمر: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: فأوف بنذرك).
فهذا عموم منه عليه السلام بالامر بالوفاء بالنذر في الاعتكاف، ولم يخص عليه السلام مدة من مدة، فبطل قول من خالف قولنا. والحمد لله رب العالمين.
وقولنا هذا هو قول الشافعي وأبي سليمان.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز الاعتكاف أقل من يوم.
وقال مالك: لا اعتكاف أقل من يوم وليلة، ثم رجل وقال: لا اعتكاف أقل من عشر ليال، وله قول: لا اعتكاف أقل من سبع ليال، من الجمعة إلى الجمعة وكل هذا قول بلا دليل.
فان قيل: لم يعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل من عشر ليال.
قلنا: نعم، ولم يمنع من أقل من ذلك، وكذلك أيضا لم يعتكف قط في غير مسجد المدينة، فلا تجيزوا الاعتكاف في غير مسجده عليه السلام، ولا اعتكف قط إلا في رمضان وشوال، فلا تجيزوا الاعتكاف في غير هذين الشهرين.
والاعتكاف في فعل خير، فلا يجوز المنع منه إلا بنص وارد بالمنع: وبالله تعالى التوفيق فان قالوا: قسنا على مسجده عليه السلام سائر المساجد * (*)