إلا سفر أو إقامة بالنص والمعقول ولا فرق.
وقد حد بعض المتأخرين ذلك بما فيه المشقة.
قال على: فقلنا هذا باطل لان المشقة تختلف، فنجد من يشق عليه مشى ثلاثة أميال حتى لا يبلغها إلا بشق النفس، وهذا كثير جدا، يكاد أن يكون الأغلب، ونجد من لا يشق عليه الركوب في عمارية في أيام الربيع مرفها مخدوما شهرا وأقل وأكثر، فبطل هذا التحديد.
قال على: فلنقل الآن بعون الله تعالى وقوته على بيان السفر الذي يقصر فيه ويفطر فنقول وبالله تعالى التوفيق.
قال الله عز وجل (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا). وقال عمر، وعائشة، وابن عباس: ان الله تعالى فرض الصلاة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في السفر ركعتين، ولم يخص الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا المسلمون بأجمعهم سفرا من سفر، فليس لأحد أن يخصه إلا بنص أو اجماع متيقن.
فان قيل: بل لا يقصر ولا يفطر الا في سفر أجمع المسلمون على القصر فيه والفطر.
قلنا لهم: فلا تقصروا ولا تفطروا إلا في حج، أو عمرة، أو جهاد، وليس هذا قولكم ولو قلتموه لكنتم قد خصصتم القرآن والسنة بلا برهان، وللزمكم في سائر الشرائع كلها أن لا تأخذوا في شئ منها لا بقرآن ولا بسنة إلا حتى يجمع الناس على ما أجمعوا عليه منها، وفى هذا هدم مذاهبكم كلها بل فيه الخروج عن الاسلام، وإباحة مخالفة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في الدين كله، إلا حتى يجمع الناس على شئ من ذلك، وهذا نفسه خروج عن الاجماع،.
وإنما الحق في وجوب اتباع القرآن والسنن حتى يصح نص أو إجماع في شئ منهما أنه مخصوص أو منسوخ، فيوقف عندما صح من ذلك، فإنما بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ليطاع، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) ولم يبعثه الله تعالى ليعصى حتى يجمع الناس على طاعته، بل طاعته واجبة قبل ان يطيعه أحد، وقبل أن يخالفه أحد، لكن ساعة يأمر بالامر، هذا ما لا يقول مسلم خلافه، حتى نقض من نقض.
والسفر هو البروز عن محلة الإقامة، وكذلك الضرب في الأرض، هذا الذي لا يقول أحد من أهل اللغة - التي بها خوطبنا وبها نزل القرآن - سواه، فلا يجوز أن يخرج