بين قول الصديق وقوله: من صمت نجا بأن قوله الثاني محمول على الصمت عما لا يعنيه، كما قال تعالى: * (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) *. (ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام) لأنه استعمال له في غير ما هو له. فأشبه استعمال المصحف في التوسد ونحوه. (وتقدم) ذلك (في) باب (صلاة التطوع. وقال الشيخ: إن قرأ عند الحكم الذي أنزل له، أو) قرأ (ما يناسبه.
فحسن كقوله لمن دعاه لذنب تاب منه: * (ما يكون لنا أن نتكلم بهذا) * وقوله عندما أهمه: * (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) *. ولا يستحب له) أي للمعتكف (إقراء القرآن وتدريس العلم ومناظرة الفقهاء ومجالستهم، وكتابة الحديث فيه، ونحو ذلك مما يتعدى نفعه). لأنه (ص) كان يعتكف. فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به. ولان الاعتكاف عبادة عن شرطها المسجد، فلم يستحب فيها ذلك كالطواف.
واختار أبو الخطاب: استحبابه إذا قصد به الطاعة لا المباهاة. (لكن فعله لذلك) أي لاقراء القرآن وتدريس العلم ومناظرة الفقهاء ونحو ذلك، (أفضل من الاعتكاف لتعدي نفعه. ولا بأس أن يتزوج في المسجد، ويشهد النكاح لنفسه وغيره). لأن النكاح طاعة وحضوره قربة ومدته لا تتطاول، فهو كتشميت العاطس ورد السلام. (و) لا بأس أن (يصلح بين القوم ويعود المريض، ويصلي على الجنائز، ويهني ويعزي، ويؤذن ويقيم كل. ذلك في المسجد) لأنه لا ينافيه. (ويستحب له) أي للمعتكف (ترك لبس رفيع الثياب، والتلذذ بما يباح له قبل الاعتكاف، و) أن (لا ينام إلا عن غلبة. ولو مع قرب الماء، وأن لا ينام مضطجعا بل متربعا مستندا. ولا يكره شئ من ذلك ولا بأس بأخذ شعره وأظفاره. و) لا بأس (أن يأكل في