(فصل) فإن ترك الموالاة لغير ما ذكرنا وطال الفصل ابتدأ الطواف وان لم يطل بنى ولا فرق بين ترك الموالاة عمدا أو سهوا مثل من يترك شوطا من الطواف يحسب أنه قد أتمه وقال أصحاب الرأي فيمن طاف ثلاثة أشواط من طواف الزيارة ثم رجع إلى بلده عليه أن يعود فيطوف ما بقي ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم والى بين طوافه وقال " خذوا عني مناسككم " ولأنه صلاة فيشترط له الموالاة كسائر الصلوات أو نقول عبادة متعلقة بالبيت فاشترطت لها الموالاة كالصلاة ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العرف من غير تحديد وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى إذا كان له عذر يشغله بنى وان قطعه من غير عذر أو لحاجة استقبل الطواف وقال إذا أعيا في الطواف لا بأس أن يستريح، وقال: الحسن غشي عليه فحمل إلى أهله فلما أفاق أتمه قال أبو عبد الله فإن شاء أتمه وان شاء استأنف وذلك لأنه قطعه لعذر فجاز البناء عليه كما لو قطعه لصلاة (فصل) فأما السعي بين الصفا والمروة فظاهر كلام أحمد أن الموالاة غير مشترطة فيه فإنه قال في رجل كان بين الصفا والمروة فلقيه فإذا يعرفه يقف فيسلم عليه ويسائله؟ قال نعم أمر الصفا سهل إنما كان يكره الوقوف في الطواف بالبيت فاما بين الصفا والمروة فلا بأس وقال القاضي تشترط الموالاة فيه قياسا على الطواف وحكاه أبو الخطاب رواية عن أحمد والأول أصح فإنه نسك لا يتعلق بالبيت فلم تشترط له الموالاة كالرمي والحلاق، وقد روى الأثرم أن سودة بنت عبد الله بن عمر امرأة عروة ابن الزبير سعت بين الصفا والمروة فقضت طوافها في ثلاثة أيام وكانت ضخمة وكان عطاء لا يرى بأسا أن يستريح بينهما ولا يصح قياسه على الطواف لأن الطواف يتعلق بالبيت وهو صلاة وتشترط له الطهارة والستارة فاشترطت له الموالاة بخلاف السعي (مسألة) قال (وان أحدث في بعض طوافه تطهر وابتدأ الطواف إذا كان فرضا) أما إذا أحدث عمدا فإنه يبتدئ الطواف لأن الطهارة شرط له فإذا أحدث عمدا أبطله كالصلاة وان سبقه الحدث ففيه روايتان (إحداهما) يبتدئ أيضا، وهو قول الحسن ومالك قياسا على الصلاة (والرواية الثانية) يتوضأ ويبني وبها قال الشافعي وإسحاق قال حنبل عن أحمد فيمن طاف ثلاثة أشواط أو أكثر يتوضأ فإن شاء بنى وان شاء استأنف قال أبو عبد الله يبني إذا لم يحدث حدثا الا الوضوء فإن عمل عملا غير ذلك استقبل الطواف وذلك لأن الموالاة تسقط عند العذر في إحدى الروايتين وهذا معذور فجاز له البناء وان اشتغل بغير الوضوء فقد ترك الموالاة لغير عذر فلزمه الابتداء إذا كان الطواف فرضا فاما المسنون فلا يجب إعادته كالصلاة المسنونة إذا بطلت
(٤١٤)