(مسألة) قال ومن كان مفردا أو قارنا أحببنا له أن يفسخ إذا طاف وسعى ويجعلها عمرة إلا أن يكون معه هدي فيكون على إحرامه أما إذا كان معه هدي فليس له ان يحل من إحرام الحج ويجعله عمرة بغير خلاف نعلمه، وقد روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة قال للناس " من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد ومن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله " متفق عليه واما من لا هدي معه ممن كان مفردا أو قارنا فيستحب له إذا طاف وسعى أن يفسخ نيته بالحج وينوي عمرة مفردة فيقصر ويحل من احرامه ليصير متمتعا ان لم يكن وقف بعرفة وكان ابن عباس يرى أن من طاف بالبيت وسعى فقد حل وان لم ينو ذلك وبما ذكرناه قال الحسن ومجاهد وداود.
وأكثر أهل العلم على أنه لا يجوز له ذلك لأن الحج أحد النسكين فلم يجز فسخه كالعمرة فروى ابن ماجة باسناده عن الحارث بن بلال المزني عن أبيه أنه قال يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أو لمن أتى؟ قال " لنا خاصة " وروي أيضا عن المرقع الأسدي عن أبي ذر قال كان ما اذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا مكة أن نجعلها عمرة ونحل من كل شئ أن تلك كانت لنا خاصة رخصة من رسول صلى الله عليه وسلم دون جميع الناس ولنا أنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه في حجة الوداع الذين افردوا الحج وقرنوا أن يحلو كلهم ويجعلوها عمرة الا من كان معه الهدي وثبت ذلك في أحاديث كثيرة متفق عليهن بحيث يقرب من التواتر والقطع ولم يختلف في صحة ذلك وثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد من أهل العلم علمناه، وذكر أبو حفص في شرحه قال سمعت أبا عبد الله بن بطة يقول سمعت أبا بكر بن أيوب يقول سمعت إبراهيم الحربي يقول وسئل عن فسخ الحج فقال قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله كل شئ منك حسن جميل الا خلة واحدة فقال ما هي؟ قال تقول بفسخ الحج فقال احمد قد كنت أرى أن لك عقلا، عندي ثمانية عشر حديثا صحاحا جيادا كلها في فسخ الحج اتركها لقولك، وقد روى فسخ الحج ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة وأحاديثهم متفق عليها ورواه غيرهم وأحاديثهم كلها صحاح. قال احمد روي الفسخ عن النبي (ص) من حديث جابر وعائشة وأسماء والبراء وابن عمر وسبرة الجهني، وفي لفظ حديث جابر قال أهللنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج خالصا وحده وليس معه عمرة فقدم النبي صلى الله عليه وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة فلما قدمنا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نحل قال " أحلوا وأصيبوا من النساء " قال فبلغه عنا انا نقول لم يكن بيننا وبين