يطعم مدا من أي الأنواع شاء وبهذا قال عطاء والأوزاعي والشافعي لما روى أبو هريرة في حديث المجامع أن البني صلى الله عليه وسلم أتي بمكتل من تمر قدره خمسة عشر صاعا فقال " خذ هذا فأطعمه عنك " رواه أبو داود ولنا ما روى أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن أبي زيد المدني قال جاءت امرأة من بني بياضة ينصف وسق من شعير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمظاهر " أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر " ولان فدية الأذى نصف صاع من التمر والشعير بلا خلاف فكذا هذا والمد من البر يقوم مقام نصف صاع من غيره بدليل حديثنا ولان الاجزاء بمد منه قول ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وزيد ولا مخالف لهم في الصحابة، وأما حديث سلمة بن صخر فقد اختلف فيه وحديث أصحاب الشافعي يجوز أن يكون الذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم قاصرا عن الواجب فاجتزئ به لعجز المكفر عما سواه (فصل) فإن أخرج من الدقيق أو السويق أجزأ لما ذكرناه فيما تقدم وان غدا المساكين أو عشاهم لم يجزئه في أظهر الروايتين وهو ظاهر كلام الخرقي لأنه قدر ما يجزئ في الدفع بمد أو نصف صاع وإذا أطعمهم لا يعلم أن كل واحد منهم استوفى الواجب له، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين قدر ما يطعمه كل مسكين بما ذكرنا من الأحاديث وهي مقيدة لمطلق الاطعام المذكور والمطلق يحمل على المقيد ولا يعلم أن كل مسكين استوفى ما يجب له ولان الواجب تمليك المسكين طعامه والاطعام إباحة وليس بتمليك، فعلى هذه الرواية ان أفرد لكل مسكين قدر الواجب له فأطعمه إياه نظرت فإن قال له هذا لك تتصرف فيه كيف شئت أجزأه لأنه قد ملكه إياه وان لم يقل له شيئا احتمل أن يجزئه لأنه قد أطعمه ما يجب له فأشبه ما لو ملكه واحتمل ان لا يجزئه لأنه لم يملكه إياه والرواية الثانية يجزئه أن يجمع ستين مسكينا فيطعمهم قال أبو داود سمعت أحمد يسأل عن امرأة أفطرت رمضانا ثم أدركها رمضان آخر ثم ماتت قال كم أفطرت؟ قال ثلاثين يوما قال فاجمع ثلاثين مسكينا وأطعمهم مرة واحدة وأشبعهم وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمجامع أطعم ستين مسكينا، وهذا قد أطعمهم وقال الله تعالى (فاطعام ستين مسكينا) وقال في كفارة اليمين (فاطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم) وهذا قد أطعمهم، وروي عن أنس انه أفطر في رمضان فجمع المساكين ووضع جفانا فأطعمهم ولأنه أطعم ستين مسكينا فأجزأه كما لو ملكه إياه فعلى هذه الرواية أن أطعمهم قدر الواجب لهم أجزأه وان أطعمهم دون ذلك فأشبعهم فظاهر كلام أحمد انه يجزئه لأنه قد أطعمهم ويحتمل أن لا يجزئه لأنه لم يطعمهم ما وجب لهم (1)
(٦٨)