(الفصل الثالث) أنه متى اختار الاطعام فإنه يقوم المثل بدراهم، والدراهم بطعام، ويتصدق به على المساكين، وبهذا قال الشافعي وقال مالك يقوم الصيد لا المثل لأن التقويم إذا وجب لأجل الاتلاف قوم المتلف كالذي لا مثل له. ولنا أن كل ما تلف وجب فيه المثل إذا قوم لزمت قيمة مثله كالمثلي من مال الآدمي، ويعتبر قيمة المثل في الحرم لأنه يحل احرامه ولا يجزئ إخراج القيمة لأن الله تعالى خير بين ثلاثة أشياء ليست القيمة منها، والطعام المخرج هو الذي يخرج في الفطرة وفدية الأذى وهو الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ويحتمل أن يجزئ كل ما يسمى طعاما لدخوله في إطلاق اللفظ ويعطي كل مسكين مدا من بر كما يدفع إليه في كفارة اليمين، فأما بقية الأصناف فنصف صاع لكل مسكين نص عليه احمد فقال في إطعام المساكين في الفدية، وجزاء كفارة اليمين أن أطعم برا فمد طعام لكل مسكين، وان أطعم تمرا فنصف صاع لكل مسكين، وأطلق الخرقي لكل مسكين ولم يفرق والأولى أنه لا يجزئ من غير البر أقل من نصف صاع إذ لم يرد الشرع في موضع بأقل من ذلك في طعمه المساكين ولا توقيف فيه فيرد إلى نضائره ولا يجزئ إخراج لمساكين الحرم لأن قيمة الهدي الواجب لهم فيكون أيضا لهم كقيمة المثلي من مال الآدمي (الفصل الرابع في الصيام) فعن أحمد أنه يصوم عن كل مد يوما، وهو ظاهر قول عطاء ومالك والشافعي لأنها كفارة دخلها الصيام والاطعام فكان اليوم في مقابلة المد ككفارة الظهار، وعن أحمد أنه يصوم عن كل نصف صاع يوما، وهو قول ابن عقيل والحسن والنخعي والثوري وأصحاب الرأي وابن المنذر. قال القاضي المسألة رواية واحدة واليوم عن مد بر أو نصف صاع من غيره وكلام احمد في الروايتين محمول على اختلاف الحالين لأن صوم اليوم مقابل باطعام المسكين واطعام المسكين مد بر أو نصف صاع من غيره ولان الله تعالى جعل اليوم في كفارة الظهار في مقابلة اطعام المسكين فكذا ههنا، وروي عن أبي ثور أن جزاء الصيد من الطعام والصيام مثل كفارة الأذى، وروي ذلك عن ابن عباس. ولنا أنه جزاء عن متلف فاختلف باختلافه كبدل مال الآدمي، وإذا بقي مالا يعدل
(٥٤٤)