فأشبه الاحتلام ولو احتلم لم يفسد صومه لأنه عن غير اختيار منه فأشبه ما لو دخل حلقة شئ وهو نائم ولو جامع في الليل فأنزل بعد ما أصبح لم يفطر لأنه لم يتسبب إليه في النهار فأشبه ما لو أكل شيئا في الليل فذرعه القئ في النهار (القصل الخامس) إذا كرر النظر فأنزل، ولتكرار النظر أيضا ثلاثة أحوال (أحدها) أن لا يقترن به انزال فلا يفسد الصوم بغير اختلاف (الثاني) أن يقترن به انزال المني فيفسد الصوم في قول إمامنا وعطاء والحسن البصري ومالك والحسن بن صالح وقال جابر بن زيد والثوري وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر لا يفسد لأنه انزال عن غير مباشرة أشبه الانزال بالفكر، ولنا انه انزال بفعل يتلذذ به ويكمن التحرز منه فأفسد الصوم كالانزال باللمس، والفكر لا يمكن التحرز منه بخلاف تكرار النظر (الثالث) مذي بتكرار النظر فظاهر كلام أحمد انه لا يفطر به لأنه لا نص في الفطر به ولا يمكن قياسه على أنزال المنى لمخالفته إياه في الأحكام فيبقى على الأصل فأما ان نظر فصرف بصره لم يفسد صومه سواء أنزل أو لم ينزل وقال مالك ان أنزل فسد صومه لأنه انزل بالنظر أشبه ما لو كرره.
ولنا أن النظرة الأولى لا يمكن التحرز منها فلا يفسد الصوم ما أفضت إليه كالفكرة وعليه يخرج التكرار فإذا ثبت هذا فإن تكرار النظر مكروه لمن يحرك شهوته غير مكروه لمن لا يحرك شهوته كالقبلة ويحتمل أن لا يكره بحال افضاءه إلى الانزال المفطر بعيد جدا بخلاف القبلة فإن حصول المذي بها ليس ببعيد (فصل) فإن فكر فأنزل لم يفسد صومه وحكي عن أبي حفص البرمكي انه يفسد واختاره ابن عقيل لأن الفكرة تستحضر فتدخل تحت الاختيار بدليل تأثيم صاحبها في مساكها (1) في بدعة كفر ومدح الله سبحانه الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التفكر في ذات الله وأمر بالتفكر في الآية ولو كانت غير مقدور عليها لم يتعلق ذلك بها كالاحتلام فاما ان خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل لم يفسد صومه لأن الخاطر لا يمكن دفعه ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " ولأنه لا نص في الفطر به ولا إجماع ولا يمكن قياسه على المباشرة ولا تكرار النظر لأنه دونهما في استدعاء