(الحال الثالث) أن يمذي فيفطر عند إمامنا ومالك وقال أبو حنيفة والشافعي لا يفطر وروي ذلك عن الحسن والشعبي والأوزاعي لأنه خارج لا يوجب الغسل أشبه بالبول ولنا انه خارج تخلله الشهوة خرج بالمباشرة فأفسد الصوم كالمني وفارق البول بهذا واللمس لشهوة كالقبلة في هذا: إذا ثبت هذا فإن المقبل إذ كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه انه إذا قبل أنزل لم تحل له القبلة لأنها مفسدة لصومه فحرمت كالأكل وإن كان ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك كره له التقبيل لأنه يعرض صومه للفطر ولا يأمن عليه الفساد وقد روي عن عمر أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فأعرض عني فقلت له مالي؟ فقال " انك تقبل وأنت صائم " ولان العبادة إذا منعت الوطئ منعت القبلة كالاحرام ولا تحرم القبلة في هذه الحال لما روي أن رجلا قبل وهو صائم فأرسل امرأته فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم انه يقبل وهو صائم فقال الرجل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس مثلنا قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال " اني لأخشاكم الله وأعلمكم بما اتقي " رواه مسلم بمعناه ولان افضاءه إلى إفساد الصوم مشكوك فيه ولا يثبت التحريم بالشك فأما إن كان ممن لا تحرك القبلة شهوته كالشيخ الهم ففيه روايتان (إحداهما) لا يكره له ذلك وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم لما كان مالكا لإربه وغير ذي الشهوة في معناه وقد روى أبو هريرة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له فأتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ وإذا الذي نهاه شاب أخرجه أبو داود ولأنها مباشرة لغير شهوة فأشبهت لمس اليد لحاجة والثانية يكره لأنه لا يأمن حدوث الشهوة ولان الصوم عبادة تمنع الوطئ فاستوى في القبلة فيها من تحرك شهوته وغيره كالاحرام، فأما اللمس لغير شهوة كلمس يدها ليعرف مرضها فليس بمكروه بحال لأن ذلك لا يكره في الاحرام فلا يكره في الصيام كلمس ثوبها (فصل) ولو استمنى بيده فقد فعل محرما ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل فإن أنزل فسد صومه لأنه في معنى القبلة في إثارة الشهوة فأما ان انزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المني أو المذي لمرض فلا شئ عليه لأنه خارج لغير شهوة أشبه البول ولأنه يخرج عن غير اختبار منه ولا تسبب إليه
(٤٨)