(والثاني) ينحره في موضعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في موضعه وعن أحمد ليس للمحصر نحر هديه الا في الحرم فيبعثه ويواطئ رجلا على نحره في وقت يتحلل فيه، وهذا يروى عن ابن مسعود فيمن لدغ في الطريق وروي نحو ذلك عن الحسن والشعبي والنخعي وعطاء، وهذا والله أعلم فيمن كان حصره خاصا وأما الحصر العام فلا ينبغي أن يقوله أحد لأن ذلك يفضي إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدي إلى محله ولان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحروا هداياهم في الحديبية وهي من الحل قال البخاري قال مالك وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا وحلوا من كل شئ قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحدا أن يقضي شيئا ولا أن يعودوا له وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان وهي من الحل باتفاق أهل السيرة والنقل قال الله تعالى (والهدي معكوفا أن يبلغ محله) ولأنه موضع حله فكان موضع نحره كالحرم. وسائر الهدايا يجوز للمحصر نحرها في موضع تحلله فإن قيل فقد قال الله تعالى (ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله) وقال (ثم محلها إلى البيت العتيق) ولأنه ذبح يتعلق بالاحرام فلم يجز في غير الحرم كدم الطيب اللباس (قلنا) الآية في حق غير المحصر ولا يمكن قياس المحصر عليه لأن تحلل المحصر في الحل وتحلل غيره في الحرم فكل منهما ينحر في موضع تحلله وقيل في قوله (حتى يبلغ الهدي محله) أي حتى يذبح وذبحه في حق المحصر في موضع حله اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم (فصل) ومتى كان المحصر محرما بعمرة فله التحلل ونحر هديه وقت حصره لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه زمن الحديبية حلوا ونحروا هداياهم بها قبل يوم النحر، وإن كان مفردا أو قارنا فكذلك في إحدى الروايتين لأن الحج أحد النسكين فجاز الحل منه ونحر هديه وقت حصره كالعمرة، ولأن العمرة لا تفوت وجميع الزمان وقت لها، فإذا جاز الحل منها ونحر هديها من غير خشية فواتها فالحج الذي يخشى فواته أولى (والرواية الثانية) لا يحل ولا ينحر هديه إلى يوم النحر. نص عليه في رواية الأثرم وحنبل لأن للهدي محل زمان ومحل مكان، فإذا عجز عن محل المكان فسقط بقي محل الزمان واجبا لامكانه، وإذا لم يجز له نحر الهدي قبل يوم النحر لم يجز التحلل لقوله سبحانه (ولا تلحقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله) وإذا قلنا بجواز التحلل قبل يوم النحر فالمستحب له مع ذلك الإقامة مع احرامه رجاء زوال الحصر، فمتى زال قبل تحلله فعليه المضي لاتمام نسكه بغير خلاف نعلمه. قال ابن المنذر
(٣٧٣)