(مسألة) قال (فإن لم يكن معه هدي ولا يقدر عليه صام عشرة أيام ثم حل) وجملة ذلك أن المحصر إذا عجز عن الهدي انتقل إلى صوم عشرة أيام ثم حل، وبهذا قال الشافعي في أحد قوليه، وقال مالك وأبو حنيفة ليس له بدل لأنه لم يذكر في القرآن ولنا أنه دم واجب للاحرام فكان له بدل كدم التمتع والطيب واللباس وترك النص عليه لا يمنع قياسه على غيره في ذلك ويتعين الانتقال إلى صيام عشرة أيام كبدل هدي التمتع، وليس له أن يتحلل إلا بعد الصيام كما لا يتحلل واجد الهدي إلا بنحره، وهل يلزمه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدي أو الصيام؟ ظاهر كلام الخرقي أنه لا يلزمه لأنه لم يذكره وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأن الله تعالى ذكره الهدي وحده ولم يشرط سواه (والثانية) عليه الحلق أو التقصير لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق يوم الحديبية وفعله في النسك دال على الوجوب ولعل هذا ينبني على أن الحلاق نسك أو اطلاق من محظور على ما يذكر في موضعه إن شاء الله (فصل) ولا يتحلل الا بالنية مع ما ذكرنا فيحصل الحل بشيئين النحر أو الصوم والنية ان قلنا الحلاق ليس بنسك، وان قلنا هو نسك حصل بثلاثة أشياء الحلاق مع ما ذكرنا، فإن قيل فلم اعتبرتم النية ههنا وهي في غير المحصر غير معتبرة؟ قلنا لأن من أتى بأفعال النسك فقد أتى بما عليه فيحل منها باكمالها فلم يحتج إلى نية بخلاف المحصور فإنه يريد الخروج من العبادة قبل اكمالها فافتقر إلى قصده، ولان الذبح قد يكون لغير الحل فلم يتخصص الا بقصده بخلاف الرمي فإنه لا يكون الا للنسك فلم يحتج إلى قصده (فصل) فإن نوى التحلل قبل الهدي أو الصيام لم يتحلل وكان على احرامه حتى ينحر الهدي أو يصوم لأنهما أقيما مقام أفعال الحج فلم يحل قبلهما كما لا يتحلل القادر على أفعال الحج قبلها، وليس عليه في نية الحل فدية لأنها لم تؤثر في العبادة، فإن فعل شيئا من محظورات الاحرام قبل ذلك فعليه فديته كما لو فعل القادر ذلك قبل أفعال الحج (فصل) وإذا كان العدو الذي حصر الحاج مسلمين فأمكن الانصراف كان أولى من قتالهم لأن في قتالهم مخاطرة بالنفس والمال وقتل مسلم فكان تركه أولى، ويجوز قتالهم لأنهم تعدوا على المسلمين بمنعهم طريقهم فأشبهوا سائر قطاع الطريق، وإن كانوا مشركين لم يجب قتالهم لأنه إنما يجب بأحد أمرين (1) إذا بدأوا بالقتال أو وقع النفير فاحتيج إلى مدد وليس ههنا واحد منهما، لكن ان غلب على
(٣٧٥)