قضاء فإنه يسمى بذلك قال الله تعالى (ثم ليقضوا تفثهم) وعلى أنه لا يلزم من الوجوب على الفور تسمية القضاء فإن الزكاة تجب على الفور ولو أخرها لا تسمى قضاء والقضاء الواجب على الفور إذا أخره لا يسمى قضاء القضاء ولو غلب على ظنه في الحج أنه لا يعيش إلى سنة أخرى لم يجز له تأخيره فلو أخره لا يسمى قضاء إذا ثبت هذا عدنا إلى شرح مسألة الكتاب فنقول متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط وبهذا قال الحسن وطاوس والشافعي وقال أبو حنيفة ومالك يسقط بالموت فإن وصى بها فهي من الثلث وبهذا قال الشعبي والنخعي لأنه عبادة بدنية فتسقط بالموت كالصلاة ولنا ما روى ابن عباس أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها مات ولم يحج قال " حجي عن أبيك " وعنه أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال " أرأيت لو كان على أختك دين أما كنت قاضيه " قال نعم قال " فاقضوا دين الله فهو أحق بالقضاء " رواهما النسائي وروى هذا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين ويخرج عليه الصلاة فإنها لا تدخلها النيابة والعمرة كالحج في القضاء فإنها واجبة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا رزين أن يحج عن أبيه ويعتمر ويكون ما يحج به ويعتمر من جميع ماله لأنه دين مستقر فكان من جميع المال كدين الآدمي (فصل) ويستناب من يحج عنه من حيث عليه اما من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه وبهذا قال الحسن وإسحاق ومالك في النذر وقال عطاء في الناذر ان لم يكن نوى مكانا فمن ميقاته واختاره ابن المنذر وقال الشافعي فيمن عليه حجة الاسلام يستأجر من يحج عنه من الميقات لأن الاحرام لا يجب من دونه ولنا أن الحج واجب على الميت من بلده فوجب أن ينوب عنه منه لأن القضاء يكون على وفق الأداء كقضاء الصلاة والصيام وكذلك الحكم في حج النذر والقضاء فإن كان له وطنان استنيب من أقربهما فإن وجب عليه الحج من بخراسان ومات ببغداد أو وجب عليه ببغداد فمات بخراسان فقال احمد يحج عنه من حيث وجب عليه لا من حيث موته ويحتمل ان يحج عنه من أقرب المكانين لأنه لو كان حيا في أقرب المكانين لم يجب عليه الحج من أبعد منه فكذلك نائبه فإن أحج عنه من دون ذلك فقال القاضي إن كان دون مسافة القصر أجزأه لأنه في حكم القريب وأن كان أبعد لم يجزئه لأنه لم يؤد الواجب بكماله ويحتمل ان يجزئه فيكون مسيئا كمن وجب عليه الاحرام من الميقات فأحرم من دونه (فصل) فإن خرج للحج فمات في الطريق حج عنه من حيث مات لأنه أسقط بعض ما وجب
(١٩٦)