قال لا يجزئه إلا هؤلاء والحكم فيما إذا أعتق العبد وبلغ الصبي بعد خروجهما من عرفة فعادا إليها قبل طلوع الفجر ليلة النحر كالحكم فيما إذا كان ذلك فيها لأنهما قد أدركا من الوقت ما يجزئ ولو كان لحظة، وإن لم يعودا أو كان ذلك بعد طلوع الفجر من يوم النحر لم يجزئهما عن حجة الاسلام ويتمان حجهما تطوعا لفوات الوقوف المفروض ولا دم عليهما لأنهما حجا تطوعا باحرام صحيح من الميقات فأشبها البالغ الذي يحج تطوعا، فإن قيل فلم لا قلتم إن الوقوف فعلاه يصير فرضا كما قلتم في الاحرام الذي أحرم به قبل البلوغ يصير بعد بلوغه فرضا؟ قلنا إنما اعتددنا له باحرامه الموجود بعد بلوغه وما قبل بلوغه تطوع لم ينقلب فرضا ولا اعتد له به فالوقوف مثله، فنظيره أن يبلغ وهو واقف بعرفة فإنه يعتد له بما أدرك من الوقوف ويصير فرضا دون ما مضى (فصل) وإذا بلغ الصبي أو عتق العبد قبل الوقوف أو في وقته وأمكنهما الاتيان بالحج لزمهما ذلك لأن الحج واجب على الفور فلا يجوز تأخيره مع امكانه كالبالغ الحر وان فاتهما الحج لزمتهما العمرة لأنها واجبة أمكن فعلها فأشبهت الحج ومتى أمكنهما ذلك فلم يفعلا استقر الوجوب عليهما سواء كانا موسرين أو معسرين لأن ذلك وجب عليهما بامكانه في موضعه فلم يسقط بفوات القدرة بعده.
(فصل) والحكم في الكافر يسلم والمجنون يفيق حكم الصبي في جميع ما فصلناه الا أن هذين لا يصح منهما احرام ولو أحرما لم ينعقد احرامهما لأنهما من غير أهل العبادات ويكون حكمهما حكم من لم يحرم (فصل) وقد بقي من أحكام حج العبد أربعة فصول (أحدهما) في حكم إحرامه (الثاني) في حكم نذره للحج (الثالث) في حكم ما يلزمه من الجنايات على احرامه (الرابع) حكم افساده وفواته (الفصل الأول في احرامه) وليس للعبد ان يحرم بغير اذن سيده لأنه يفوت به حقوق سيده الواجبة عليه بالتزام ما ليس بواجب فإن فعل انعقد احرامه صحيحا لأنها عبادة بدنية فصح من العبد الدخول فيها بغير اذن سيده كالصلاة والصوم ولسيده تحليله في إحدى الروايتين لأن في بقائه عليه تفويتا لحقه من منافعه بغير اذنه فلم يلزم ذلك سيده كالصوم المضر ببدنه وهذا اختيار ابن حامد وإذا حلله منه كان حكمه حكم المحصر (والثانية) ليس له تحليله وهو اختيار أبي بكر لأنه لا يمكنه التحلل من تطوعه فلم يملك تحليل عبده والأول أصح لأنه التزم التطوع باختيار نفسه فنظيره أن يحرم عبده