باب صدقة الزرع (قال الشافعي) رحمه الله تعالى في قول الله تبارك وتعالى " وآتوا حقه يوم حصاده " دلالة على أنه إنما جعل الزكاة على الزرع (قال) فما جمع أن يزرعه الآدميون وييبس ويدخر ويقتات مأكولا خبزا وسويقا أو طبيخا ففيه الصدقة وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والذرة وهذا مما يزرع ويقتات فيؤخذ من العلس وهو الحنطة والسلت والقطنية كلها إذا بلغ الصنف الواحد خمسة أوسق والعلس والقمح صنف واحد ولا يضم صنف من القطنية انفرد باسم إلى صنف ولا شعير إلى حنطة ولا حبة عرفت باسم منفرد إلى غيرها فاسم القطنية يجمع العدس والحمص قيل ثم ينفرد كل واحد باسم دون صاحبه وقد يجمعها اسم الحبوب فإن قيل فقد أخذ عمر العشر من النبط في القطنية قيل وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العشر من التمر والزبيب وأخذ عمر العشر من القطنية والزبيب أفيضم ذلك كله؟ قال ولا يبين أن يؤخذ من الفث وإن كان قوتا ولا من حب الحنظل ولا من حب شجرة برية كما لا يؤخذ من بقر الوحش ولا من الظباء صدقة ولا من الثفاء ولا الأسفيوش ولا من حبوب البقول وكذلك القثاء والبطيخ وحبه ولا من العصفر ولا من حب الفجل ولا من السمسم ولا من الترمس لأني لا أعلمه يؤكل إلا دواء أو تفكها ولا من الأبذار ولا يؤخذ زكاة شئ مما ييبس حتى ييبس ويداس وييبس زبيبه وتمره وينتهى وإن أخذه رطبا كان عليه رده أو رد قيمته إن لم يوجد وأخذه يابسا ولا أجيز بيع بعضه ببعض رطبا لاختلاف نقصانه والعشر مقاسمة كالبيع ولو أخذه من عنب لا يصير زبيبا أو من رطب لا يصير تمرا أمرته برده لما وصفت وكان شريكا فيه يبيعه ولو قسمه عنبا موازنة كرهته له ولم يكن عليه غرم باب الزرع في أوقات (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: الذرة تزرع مرة فتخرج فتحصد ثم تستخلف في بعض المواضع فتحصد أخرى فهو زرع واحد وإن تأخرت حصدته الأخرى وهكذا بذر اليوم وبذر بعد شهر لأنه وقت واحد للزرع وتلاحقه فيه متقارب (قال) وإذا زرع في السنة ثلاث مرات في أوقات مختلفة في خريف وربيع وصيف ففيه أقاويل منها أنه زرع واحد إذا زرع في سنة وإن أدرك بعضه في غيرها ومنها أن يضم ما أدرك في سنة واحدة وما أدرك في السنة الأخرى ضم إلى ما أدرك في الأخرى ومنها أنه مختلف لا يضم و (قال الشافعي) في موضع آخر وإذا كان الزرعان وحصادهما معا في سنة فهما كالزرع الواحد وإن كان بذر أحدهما قبل السنة وحصاد الآخر متأخر عن السنة فهما زرعان لا يضمان ولا يضم زرع سنة إلى زرع سنة غيرها.
باب قدر الصدقة فيما أخرجت الأرض (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولا معناه ما سقى بنضح أو غرب ففيه نصف العشر وما سقى بغيره من عين أو سماء ففيه العشر وروى عن ابن عمر معنى ذلك ولا أعلم في ذلك مخالفا وبهذا أقول وما سقى من هذا بنهر أو سيل أو ما يكون فيه العشر فلم يكتف به حتى يسقى بالغرب فالقياس أن ينظر إلى ما عاش في السقيين فإن عاش بهما نصفين ففيه ثلاثة أرباع العشر وإن عاش بالسيل أكثر زيد فيه بقدر ذلك وقد قيل ينظر أيهما عاش به أكثر فيكون صدقته به والقياس ما وصفت والقول قول رب الزرع مع يمينه وأخذ العشر أن يكال لرب المال تسعة ويأخذ المصدق العاشر وهكذا نصف العشر مع خراج الأرض وما زاد مما قل أو كثر فبحسابه.