باب إظهار دين النبي على الأديان كلها من كتاب الجزية (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله تعالى " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " وروى مسندا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " (قال) ولما أتى كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى مزقه فقال صلى الله عليه وسلم " يمزق ملكه " قال وحفظنا أن قيصر أكرم كتابه ووضعه في مسك فقال صلى الله عليه وسلم يثبت ملكه (قال الشافعي) رحمه الله ووعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فتح فارس والشام فأغزى أبو بكر الشام على ثقة من فتحها لقول النبي صلى الله عليه وسلم ففتح بعضها وتم فتحها في زمن عمر وفتح عمر رضي الله عنه العراق وفارس (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فقد أظهر الله دين نبيه صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان بأن أبان لكل من تبعه أنه الحق وما خالفه من الأديان فباطل وأظهره بأن جماع الشرك دينان دين أهل الكتاب ودين أميين فقهر النبي صلى الله عليه وسلم الأميين حتى داوا بالاسلام طوعا وكرها وقتل من أهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالاسلام وأعطى بعض الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه صلى الله عليه وسلم قال فهذا ظهوره على الدين كله قال ويقال ويظهر دينه على سائر الأديان حتى لا يدان لله إلا به وذلك متى شاء الله (قال) وكانت قريش تنتاب الشام انتيابا كثيرا وكان كثير من معاشهم منه وتأتى العراق فلما دخلت في الاسلام ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم خوفها من انقطاع معاشها بالتجارة من الشام والعراق إذا فارقت الكفر ودخلت في الاسلام مع خلاف ملك الشام والعراق لأهل الاسلام فقال صلى الله عليه وسلم " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " فلم يكن بأرض العراق كسرى ثبت له أمر بعده وقال " إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده وأجابهم عليه الصلاة والسلام على نحو ما قالوا وكان كما قال عليه السلام وقطع الله الا كاسرة عن العراق وفارس وقيصر ومن قام بعده بالشام وقال في قيصر يثبت ملكه فثبت له ملكه ببلاد الروم إلى اليوم وتنحى ملكه عن الشام وكل هذا متفق يصدق بعضه بعضا.
كتاب مختصر الجامع من كتاب الجزية وما دخل فيه من اختلاف الأحاديث ومن كتاب الواقدي واختلاف الأوزاعي وأبي حنيفة رحمة الله عليهم باب ما يلحق بأهل الكتاب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى انتوت قبائل من العرب قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وينزل عليه القرآن فدانت دين أهل الكتاب فأخذ عليه الصلاة والسلام الجزية من أكيدر دومة، وهو رجل يقال إنه من غسان أو من كندة ومن أهل ذمة اليمن وعامتهم عرب ومن أهل نجران وفيهم عرب، فدل ما وصفت أن الجزية