وعن ابن الزبير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الرضعة ولا الرضعتان " (قال المزني) رحمه الله قلت للشافعي أفسمع ابن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم وحفظ عنه وكان يوم سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن تسع سنين وعن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبى حذيفة أن ترضع سالما خمس رضعات فتحرم بهن (قال) فدل ما وصفت أن الذي يحرم من الرضاع خمس رضعات كما جاء القرآن بقطع السارق فدل صلى الله عليه وسلم أنه أراد بعض السارقين دون بعض وكذلك أبان أن المراد بمائة جلدة بعض الزناة دون بعض لامن لزمه اسم سرقة وزنا وكذلك أبان أن المراد بتحريم الرضاع بعض المرضعين دون بعض واحتج فيما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسهلة بنت سهل لما قالت له كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل على وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا تأمرني فقال عليه السلام فميا بلغنا " أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها " ففعلت فكانت تراه ابنا من الرضاعة فأخذت بذلك عائشة رضي الله عنها فيمن أحبت أن يدخل عليها من الرجال وأبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن ما نرى الذي أمر به صلى الله عليه وسلم إلا رخصة في سالم وحده وروى الشافعي رحمه الله أن أم سلمة قالت في الحديث هو لسالم خاصة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فإذا كان خاصا فالخاص مخرج من العام والدليل على ذلك قول الله جل ثناؤه " حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " فجعل الحولين غاية وما جعل له غاية فالحكم بعد مضى الغاية خلاف الحكم قبل الغاية كقوله تعالى " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " فإذا مضت الأقراء فحكمهن بعد مضيها خلاف حكمهن فيها (قال المزني) وفي ذلك دلالة عندي على نفى الولد لأكثر من سنتين بتأقيت حمله وفصاله ثلاثين شهرا كما نفى توقيت الحولين الرضاع لأكثر من حولين (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وكان عمر رضي الله عنه لا يرى رضاع الكبير يحرم وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنه ما وقال أبو هريرة رضي الله عنه لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء قال ولا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات كلهن في الحولين قال وتفريع الرضعات أن ترضع المولود ثم تقطع الرضاع ثم ترضع ثم تقطع كذلك فإذا رضع في مرة منهن ما يعلم أنه وصل إلى جوفه ما قل منه وما كثر فهي رضعة وإن التقم الثدي فلها قليلا وأرسله ثم عاد إليه كانت رضعة واحدة كما يكون الحالف لا يأكل بالنهار إلا مرة فيكون يأكل ويتنفس بعد الازدراد ويعود يأكل فذلك أكل مرة وإن طال وإن قطع ذلك قطعا بينا بعد قليل أو كثير ثم أكل حنث وكان هذا أكلتين ولو أنفد ما في إحدى الثديين ثم تحول إلى الأخرى فأنفد ما فيها كانت رضعة واحدة والوجور كالرضاع وكذلك السعوط لأن الرأس جوف ولو حقن به كان فيها قولان أحدهما أنه جوف وذلك أنها تفطر الصائم والآخر أن ما وصل إلى الدماغ كما وصل إلى المعدة لأنه يغتذى من المعدة وليس كذلك الحقنة (قال المزني) رحمه الله قد جعل الحقنة في معنى من شرب الماء فأفطر فكذلك هو في القياس في معنى من شرب اللبن وإذ جعل السعوط كالوجور لأن الرأس عنده جوف فالحقنة إذا وصلت إلى الجوف عندي أولى وبالله التوفيق وأدخل الشافعي رحمه الله تعالى على من قال إن كان ما خلط باللبن أغلب لم يحرم وإن كان اللبن الأغلب حرم فقال أرأيت لو خلط حراما بطعام وكان مستهلكا في الطعام أما يحرم؟ فكذلك اللبن (قال الشافعي) رحمه الله: ولو جبن اللبن فأطعمه كان كالرضاع ولا يحرم لبن البهيمة إنما يحرم لبن الآدميات قال الله تعالى جل ثناؤه " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم " وقال " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " قال ولو حلب منها رضعة خامسة ثم ماتت فأوجره صبي كان ابنها ولو رضع منها بعد موتها لم يحرم لأنه لا يحل لبن الميتة ولو حلب من امرأة لبن كثير ففرق ثم أوجر منه صبي مرتين أو ثلاثة لم
(٢٢٧)