طارفا عتيدا، أجل ولو حرصت أنا والعادون من أنامك، أن نحصي مدى إنعامك، سالفه وآنفه ما حصرناه عددا، ولا أحصيناه أمدا، هيهات أني ذلك وأنت المخبر في كتابك الناطق، والنبإ الصادق، (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، صدق كتابك) اللهم وإنباؤك، وبلغت أنبياؤك ورسلك، ما أنزلت عليهم من وحيك، وشرعت لهم وبهم من دينك، غير أني يا إلهي أشهد بجهدي وجدي، ومبلغ طاعتي ووسعي، وأقول مؤمنا موقنا، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا فيكون موروثا، ولم يكن له شريك في ملكه فيضاده فيما ابتدع، ولا ولي من الذل فيرفده فيما صنع، فسبحانه سبحانه، لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وتفطرتا، سبحان الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، الحمد لله حمدا يعادل حمد ملآئكته المقربين، وأنبيائه المرسلين، وصلى الله على خيرته محمد خاتم النبيين، وآله الطيبين، الطاهرين المخلصين وسلم.
ثم اندفع (عليه السلام) في المسألة والدعاء وقال وعيناه تنهمر بالدموع:
اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك، وأسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت، اللهم اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي، والإخلاص في عملي، والنور في بصري، والبصيرة في ديني، ومتعني بجوارحي، واجعل سمعي وبصري الوارثين مني، وانصرني على من ظلمني، وأرني فيه ثأري ومآربي