الثاني: أنه يشترط في الإجازة أن يكون باللفظ الدال عليه على وجه الصراحة العرفية، كقوله أمضيت وأجزت وأنفذت ورضيت وشبه ذلك. وظاهر رواية البارقي وقوعها بالكناية وليس ببعيد، إذا اتكل عليه عرفا. والظاهر أن الفعل الكاشف عرفا عن الرضا بالعقد كاف كالتصرف في الثمن، ومنه إجازة البيع الواقع عليه، كما سيجئ وكتمكين الزوجة من الدخول بها إذا زوجت فضولا كما صرح به العلامة رحمه الله وربما يحكى عن بعض اعتبار اللفظ بل نسب إلى صريح جماعة. وظاهر آخرين وفي النسبة نظر واستدل عليه بعضهم من أنه كالبيع في استقرار الملك و هو يشبه المصادرة ويمكن أن يوجه بأن الاستقراء في النواقل الاختيارية اللازمة كالبيع وشبهه يقتضي اعتبار اللفظ.
ومن المعلوم أن النقل الحقيقي العرفي من المالك يحصل بتأثير الإجازة، و فيه نظر بل لولا شبهة الاجماع الحاصلة من عبارة جماعة من المعاصرين تعين القول بكفاية نفس الرضا إذا علم حصوله من أي طريق، كما يستظهر من كثير من الفتاوى والنصوص. فقد علل جماعة عدم كفاية السكوت في الإجازة بكونه أعم من الرضا، فلا يدل عليه فالعدول عن التعليل بعدم اللفظ إلى عدم الدلالة كالصريح فيما ذكرنا، وحكى عن آخرين أنه إذا أنكر الموكل الإذن فيما أوقعه الوكيل من المعاملة فحلف انفسخت، لأن الحلف يدل على كراهتها، وذكر بعض أنه يكفي في إجازة البكر للعقد الواقع عليها فضولا سكوتها.
ومن المعلوم أن ليس المراد من ذلك أنه لا يحتاج إلى إجازتها، بل المراد كفاية السكوت الظاهر في الرضا وإن لم يفد القطع دفعا للحرج عليها وعلينا، ثم إن الظاهر أن كل من قال بكفاية الفعل الكاشف عن الرضا، كأكل الثمن وتمكين الزوجة اكتفي به من جهة الرضا المدلول عليه به لا من جهة سببية الفعل تعبدا. وقد صرح غير واحد بأنه لو رضي المكره بما فعله صح ولم يعبروا بالإجازة. وقد ورد فيمن روجت نفسها في حال السكر أنها إذا أقامت معه بعدما أفاقت فذلك رضاء منها وعرفت أيضا استدلالهم على كون الإجازة كاشفة بأن العقد مستجمع للشرائط عدا رضا المالك، فإذا حصل، عمل السبب التام عمله. وبالجملة فدعوى الاجماع في المسألة دونها خرط القتاد، وحينئذ فالعمومات المتمسك بها