الثامن: النميمة {1} انتهى الملخص منه وما ذكره من وجوه السحر بعضها قد تقدم عن الإيضاح وبعضها قد ذكر فيما ذكره في الإحتجاج من حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليه السلام عن مسائل كثيرة منها ما ذكره بقوله أخبرني عن السحر ما أصله وكيف يقدر الساحر على ما يوسف من عجائبه وما يفعل، قال
أبو عبد الله عليه السلام: إن السحر على وجوه شتى منها بمنزلة
الطب كما أن
الأطباء وضعوا لكل داء دواء وكذلك علماء السحر احتالوا لكل صحة آفة، ولكل عافية عاهة، و لكل معنى حيلة ونوع آخر منه خطفة وسرعة ومخاريق وخفة ونوع منه ما يأخذه أولياء الشياطين منهم، قال: فمن أين علم الشياطين السحر، قال: من حيث علم
الأطباء الطب بعضه بتجربة وبعضه بعلاج قال وما تقول في الملكين: هاروت و ماروت وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر، قال: إنما هما موضع ابتلاء و موقف فتنة تسبيحهما اليوم لو فعل الانسان كذا وكذا لكان كذا، ولو تعالج بكذا لصار كذا فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما فيقولان لهم إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم، قال: أفيقدر الساحر على أن يجعل الانسان بسحره في صورة كلب أو حمار أو غير ذلك. قال: هو أعجز من ذلك وأضعف من أن يغير خلق الله أن من أبطل ما ركبه الله تعالى وصور غيره فهو
شريك لله في خلقه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لو قدر الساحر على هذا الوصف لدفع عن نفسه الهرم والآفة والأمراض ولنفى البياض عن رأسه والفقر عن ساحته، وأن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين، ويجلب بها العداوة على المتصافين ويسفك بها الدماء و يهدم بها الدور ويكشف بها الستور والنمام شر من وطأ الأرض بقدم، فأقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة ا لطب أن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء فجاءه
الطبيب فعالجه بغير ذلك فأبرأه الحديث (1).
____________________
{1} وفيه: أن النميمة وإن كانت من المحرمات ومن المعاصي الكبيرة إلا أنها ليست من السحر.